|


عبدالله الضويحي
جيل.. مجلس التعاون
2010-04-13
مضى أسبوع آخر على قضية الوصل الإماراتي والنصر السعودي في إياب بطولة أندية مجلس التعاون.
وإذا كنت قد قلت (في منتصف الأسبوع) الماضي إن مضي أسبوع كاف لكي (تحضر الفكرة).. وصوت العقل بعد أن نتحرر من عواطفنا، فإن مضي أسبوع ثان.. كاف أيضاً لكي تضع الحرب أوزارها ويجد العقل مساحة أكبر يتحرك فيها خاصة بعد أن قطع (فيفا) قول كل خطيب وقضي الأمر الذي كانوا فيه يستفتون بعد أن ارتضيناه حكماً.. لقضية ما كان لها أن تأخذ كل هذه الأبعاد..
قضي الأمر وصدر الحكم ممن طلبناه منه برضا وقناعة تامة.. والمفروض أن نقتنع به..
وجاءت ردود الأفعال من البعض محركة لكوامن معينة قد تؤسس لمرحلة مقبلة من التعامل أو التعاطي مع أحداث مشابهة، بل ربما كانت مترسبة في القاع فطفت بها على السطح بعد أن طواها النسيان..، ويبدو أنها ستظل رهينة ذاكرة تحركها كيف تشاء في الوقت الذي تشاء..
لن نتحدث هنا عن النواحي الفنية.. أو نعيد حديثاً عن الأجدر بالفوز والتأهل بعد أن أشبعه المحللون واقتنعت به جميع الأطراف، لكنني سأتحدث عما هو أكثر أهمية
على أنه لابد من الإشارة هنا.. على أنني لا أقصد طرفاً معيناً.. حتى وإن كان الأكثر حدة ورفضا للقرار.. وأعني هنا بكل وضوح نادي النصر.. فالوصل هو الآخر.. قد تحدث منه ردة فعل مشابهة.. أو تسير في الاتجاه ذاته..وإن اختلفت حدتها.. وتوجهها لو كان القرار في غير صالحه.. فقد أعلن ذلك مسبقاً.. عبر ممثلهم في اللجنة التنظيمية.. برفض أي قرار يصدر من (فيفا) ما لم يتماشى مع مصالحهم ورغباتهم..
وهكذا..
نؤكد جميعاً.. هنا.. أو هناك.. عدم الرضا لحكم ارتضينا قاضيه
لأننا..
لا نملك ــ للأسف الشديد ــ ثقافة الفوز ولا ندرك أو نعي ثقافة المنافسة وأساسياتها.. ولا حدودها
نخرج بها عن حدودها المعقولة.. وإطارها الصحيح..
نأخذها من فضائها الواسع و(نحشرها) في حدود ضيقة..
من هم جماعي..
وتنافس كيانات..
وفوز وخسارة..
إلى تناول أشخاص في ذواتهم.. وسيرة حياتهم.. وشئونهم الخاصة..
نجتر الماضي عبر سلوكيات الحارة.. وصغار الحي.. وإن اختلف أسلوب التعبير, أو آلية التنفيذ..
نفقد الكثير من العلاقات..
ونؤسس لعلاقات مضادة..
ونضع لنا بصمة من اللاعقلانية..
دون أن ندرك أبعاد ذلك وأهدافه..
ذلك لأننا حصرنا المنافسة في زاوية ضيقة..
فالمنافسة.. فوز وخسارة..
والهدف.. كأس وبطولة
والنتيجة.. (أنا ومن بعدي الطوفان)..
وأنا هنا..
أعني الأفراد.. والأشخاص الذين لا يمثلون الكيانات.. ولا يعبرون عن مواقفها..
وإن كنت لا أعفي بعض الكيانات من قيادة هذه الجموع دون قصد.. أو دراية.. عبر تصريح لا مسؤول نتيجة ردة فعل آنية.. لا تمثل قناعاته الحقيقية..
لن أكرر هنا.. ما قلته (في منتصف الأسبوع) الماضي من أن ما حدث كان يمكن تلافيه.. لو أحسن النصر التعامل مع المباراة.. واحترام الخصم.. وهو ما اعترف به النصراويون أنفسهم..
النتيجة غير المتوقعة.. أحدثت ردة الفعل هذه, سواء من قبل النصراويين وتأثيرها على أدائهم وأعصابهم.. أو على أفراد الوصل وجمهوره الذي وجد نفسه قاب قوسين من التأهل..
أو لأن ما حدث كان يمكن تلافيه لو أن الأشقاء في الإمارات أحسنوا التعامل مع الحدث.. وضبط النواحي الأمنية.. وقراءة المباراة وتنظيمها.. قبل أن تبدأ ووضع جميع السيناريوهات المحتملة.. وهذا هو الأسلوب الصحيح والسليم الذي تسير عليه الملاعب الرياضية الناجحة.. والجهات المنظمة لمثل هذه اللقاءات عموماً
هذه صفحة وطويت أو يجب أن تطوى.. ونحن الآن فيما بعدها
لقد أحسن الاتحاد السعودي ــ وأنا هنا أتحدث عن الكيانات ــ صنعاً في تعامله مع الحدث..
وكان مثالياً في كل مراحله وخطواته
لم يستعجل ردة الفعل فيعلن رفضه لأي قرار من (فيفا).. ما لم يصب في مصلحة ناديه
وقف مع النصر كناد سعودي وأعلن عدم رضاه عما تعرض له..
ووقفت الأندية السعودية معه
ووقف الجميع..
وعندما صدر قرار (فيفا).. كان لابد أن يحترم..
ليس لذاته..
ولكن لمصدره..
بغض النظر عن مدى القناعة به.. من عدمه..، ولكن لأنه صدر من أعلى سلطة رياضية في العالم.. نستظل بها جميعا كاتحادات رياضية وقراراتها ملزمة للجميع..
هذا أولاً
وثانياً :
لأننا ارتضيناه حكماً، ويجب أن نرضى بحكمه..
وأحسن نادي النصر صنعاً.. وهو يأتي البيوت من أبوابها.. ويضع الأمر في يد الاتحاد السعودي لكرة القدم، تمهيداً لطي هذه الصفحة عندما أعلن ذلك في وقت سابق..
وهي صفحة لم تكن لتفتح لو كنا كدول مجلس تعاون أو كلجنة تنظيمية نملك الثقافة الكاملة والوعي بدورنا الحقيقي وبمعنى المنافسة..
فقضية الانسحاب من البطولات.. ليست حلاً..
ولا يمكن لأي ناد.. سواء كمنطق ومفروض.. أو حتى كنظام أن يعلن انسحابه من بطولة قبل أن تبدأ.. فالانسحاب من البطولات عادة.. في يد الاتحاد الأهلي.. وهو الذي يقرر ما يراه مناسباً..
من حق النادي أن يعتذر لاتحاد بلده عن المشاركة عندما يتم ترشيحه أو تأهله لأي بطولة.. ويتم ترشيح البديل، لكن الانسحاب من بطولات كهذه لا أعتقد أنه واقعي.. ولا أعتقد أنه سيتم تنفيذه مستقبلاً.. ولا أعتقد أن أي ناد يترشح لبطولة معينة سيرفض المشاركة فيها..
لقد جاء رفع الأمر إلى (فيفا) ليؤكد حقيقة أننا كدول مجلس تعاون.. لا نملك القدرة على اتخاذ قرار ونحميه..
وأكد على أننا لا نثق في توجهاتنا.. وآرائنا..
وأكد على أننا غير مقتنعين بأداء بعضنا..
وبالتالي..
غير واثقين من لوائحنا وأنظمتنا التي وضعناها بأيدينا.. وفكرنا.. وعقولنا..
مما يعني..
عدم ثقتنا بأنفسنا..
وبما نقدمه من عمل..
أو نقوم به..
طالما أننا نختلف على لوائح وضعناها (لنطبقها) فوجدنا أنفسنا (نطبق) عليها..
أعود.. لما قلت في بداية الموضوع.. بأن ما حدث قد يؤسس لحوار جديد في طبيعة منافساتنا الرياضية أو يخرج به من القاع رواسب مطمورة بفعل الزمن.. ذلك لأننا ـ وللأسف الشديد ــ لم نؤسس لحوار حقيقي في طبيعة هذه المنافسة.. أو ما يجب أن يكون عليه الحوار.
في أنديتنا الرياضية..
في إعلامنا الرياضي..
في جهاتنا الرسمية..
في مظلتنا الأم.. مجلس التعاون..
ومن هنا فإن حديثي السابق هو حديث عام شامل لنا كدول منطقة.. لا دولة.. دون أخرى.. ولا ناد دون آخر..
ولا قطاع.. دون آخر..
أو أفرادا.. وجماهير.. دون آخرين.
مجلس التعاون.. يوشك أن يطوي العقد الثالث من عمره..
وثلاثة عقود.. تعني جيلا جديدا نشأ في ظل المجلس.. بل ونشأ معه.
لكنه وللأسف.. جيل لم يستطع بعد أن يحدد هوية انتمائه للمجلس.
وما زالت كثير من العلاقات والخطط.. أو البرامج في مرحلة البنية التحتية.. ولم ترتفع بعد أساساتها إلى المستوى المأمول..
وما زلنا حتى الآن ـ وللأسف ــ لم نؤسس لحوار يضع شبابه أمام مسؤولياته.. ويعمق من انتماءاته للمجلس ككيان.. وليس كدول.
وما زالت منافستنا الرياضية تدور في فلك الفوز والخسارة.
و تحقيق الذات.. على حساب المجموع..
أعتقد أن الوقت الآن.. هو وقت الانفتاح الأكثر على شباب المجلس.. وفتح الحوار معه.. وفيما بينه لأنهم مستقبله.
وأمام قادة المجلس.. وقيادييه مسؤولية كبرى في وضع إستراتيجية واضحة ومستقبلية لطبيعة المنافسة في المجالات الشبابية والرياضية بين المنتمين إليه من أفراد وكيانات..
فالمجلس.. قام لتأصيل هذه العلاقة.. بل وتنميتها.
وما يحدث في الميادين الرياضية.. أو حتى بين بعض القيادات الرياضية في السباق نحو المقاعد أو الكيانات العالمية.. لا يتفق وهذا التوجه.
وما يحدث في هذه الميادين ـ في بعضه ــ يتجاوز في أسبابه ومؤثراته مباراة في كرة القدم أو سباق على مقعد إلى ما هو أبعد من ذلك.. وبالتالي تنعكس نتائجه على واقعه.. وربما تؤثر على مستقبله.

وفتحت الصفحة
من جديد..

كنت قد انتهيت من المقال.. دافعا به إلى المطبعة..
وكنت على قناعة بأن الصفحة طويت فعلا.. كما أشرت.. وكانت عنوانا للمقال.. إلا أن مطالعتي لصحف الأمس.. أكدت وللأسف الشديد أن القضية.. ما زالت.
وأنها مرشحة للتصعيد أكثر..
وأن الأمر لم يعد كرة قدم فقط.
تطاول على مسؤولين.. وقياديين في بلدانهم مؤتمنين على ما هو أكبر من كرة قدم.
وتطاول على كيانات لها قيمتها
وخروج عن أدب الحوار.
مما يجعلني.. أعود للتأكيد على ما أشرت إليه في ثنايا المقال.. من أن القضية أصبحت الآن أكبر من كونها قضية تنافس في ميدان رياضي.
و أنها تجاوزت أطرافها..
و أصبح دور مجلس التعاون أكثر أهمية وضرورة في معالجة الوضع.
وأنا هنا لا أعني الوضع الحالي والقائم لكنني أعنيه.. وأعني المستقبل.. خاصة وأننا مقلبون كدول مجلس تعاون.. على قمة تشاورية خلال الأسابيع المقبلة..
ومقبلون على دورة الخليج خلال الأشهر المقبلة.
ومقبلون على مستقبل أكثر أهمية.. مستقبل الأيام المقبلة.
والله من وراء القصد .