|


عبدالله الضويحي
الأبطال والعبث بالتأريخ !
2010-03-09
(في منتصف الأسبوع) قبل الماضي كتبت موضوعاً خاصاً بالنادي الأهلي تحت عنوان (أيها الراقي.. سلاماً) بعد خسارته لكأس ولي العهد تحدثت فيه عن الأهلي كناد راق يتميز بأداء رفيع يستحق أن يكون بطلاً، ومفنداً ما يتداوله البعض من إشكالية له مع البطولات بعد فوزه بدوري 1404هـ ــ 1984م مشيراً إلى أنه حقق على مدى تاريخه 26 بطولة على مستوى المملكة وخارجها نصفها تقريبا (12 بطولة) بعد ذلك التاريخ، مما يؤكد قدرته على التفوق وامتلاكه لأدواته وأنه يحتاج فقط لأن يثق في قدراته وإمكانياته على صناعة النجاح... الخ الموضوع.
كما تطرقت في ثنايا الموضوع ككل إلى أن أول دوري على مستوى المملكة للأندية الممتازة أقيم موسم 96ـ1397 هـ 76ـ1977 م وأنه بداية العصر الحديث للكرة السعودية من وجهة نظري.
وقد وردني عبر بريدي الإلكتروني رسالة من القارئ العزيز الأخ عمرو سراج فقيه من جدة (الخطوط السعودية) تعليقاً على ذلك، ويبدو أنه أرسل نسخة إلى التحرير فتم نشرها يوم الأحد قبل الماضي في صفحة البريد.
والحقيقة أنني كنت أنوي نشرها في هذا المكان وأعطيها حقها من الاهتمام ومن ثم التعليق عليها لولا نشرها في مكان آخر، كما أن عدم معرفتي المسبقة بنشرها حال دون تعليقي عليها في حينه ، لذا أجد نفسي مضطراً الآن للتعليق عليها وإبداء وجهة نظري حيال ما ورد فيها.
ولعل أبرز ما ورد في رسالة الأخ عمرو سراج قوله إنني أشرت في مقالي إلى أن أول دوري في المملكة انطلق موسم 96ـ1397 هـ 76ـ1977 م مضيفاً :
(ويبدو أنك ككاتب تجاهلت أو نسيت أن أول دوري في تأريخ المملكة العربية السعودية انطلق عام 1389 هـ 1969 م وهو العام الذي تولى فيه الأمير خالد الفيصل إدارة رعاية الشباب وهذه معلومة رياضية يجب أن توثق من قبلكم ككتاب)
وأشار الأخ عمرو إلى ضعف التوثيق ومسؤوليتنا ككتاب خاصة المخضرمين منهم ذكر هذه المعلومات كي توثق وتحفظ.
كما تطرق في رسالته إلى بطولات الأهلي.. عددها.. تاريخها.. وما فقد منها... الخ !
ثم عاد الأخ عمرو وأرسل لي رسالة أخرى عبر الإيميل قال فيها :
(إن أول دوري عندما انطلق عام1397 هـ شارك فيه 8 أندية تمثل المنطقة الوسطى (الهلال والنصر والشباب والرياض) والمنطقة الغربية (الأهلي والاتحاد والوحدة) والمنطقة الشرقية (القادسية) وهي نفس المناطق التي شاركت في دوري عام 1389 أول دوري عام في المملكة ولكنه أقيم بنظام التصفيات وهو نظام شبيه بنظام المربع الذهبي.)
وقبل الدخول إلى التفاصيل والحديث عن البطولات وتأريخ الدوري وما أثارته رسالة الأخ عمرو لابد من التعليق بشيء من الإيجاز والتوضيح على رسالته :

اولاً:
أشكر الأخ عمرو على ثقته وتواصله وعلى ما جاء في رسالته ونحن بحاجة دائماً إلى مثل هذا التواصل لتصحيح بعض المفاهيم سواء لدى الكاتب من بعض القراء أو العكس.. فكلنا نسعى لهدف واحد هو المصلحة العامة ويجب أن يكون هدفنا كذلك.

ثانياً :
أن الأمير خالد الفيصل تولى إدارة رعاية الشباب في عام 1386هـ ـ 1966 م وليس عام 1389 كما أشار في رسالته !

ثالثاً :
أنني عندما قلت إن أول دوري على مستوى المملكة أقيم موسم 96ـ1397 هـ فإنني أعي ما أقول وأعنيه فهو أول دوري يضم جميع الأندية بعد تصنيفها إلى درجات ويقام بطريقة الدوري الكامل من دورين وبنظام النقاط.
أما ما أشار إليه الأخ عمرو في رسالته فهو دوري من خروج المغلوب لمرة واحدة بين أبطال المناطق الثلاث، ويمكن أن نسميه بطل أبطال دوري المناطق وليس بطل الدوري، كما أنه يختلف تماماً عن نظام المربع الذي كان من الممكن أن يضم أربعة أندية من منطقة واحدة حسب إمكانات وقدرات الأندية وليس حسب التقسيم الجغرافي.

رابعاً :
أنني اعتمدت في الأرقام وعدد البطولات على ما هو معروف ومعتمد رسمياً.. مع تحفظي التام على ما ورد في عباراته وحديثه عن بطولات الأهلي، وهو تحفظ ينطبق على بقية الأندية وليس الأهلي فقط.

لمحة تاريخية
رسالة الأخ عمرو سراج تأخذني في لمحة تاريخية لابد من الإشارة إليها للتوضيح.. خاصة لجيل اليوم ولتأكيد أهمية التوثيق !
فالمعروف أن أول دوري في المملكة بدأ عام 1377 هـ ــ1957 م وشاركت فيه أندية المنطقة الغربية فقط وكان على كأس الملك، وفي عام 1381 هـ ــ1961 م انضمت المنطقة الوسطى، وفي العام التالي المنطقة الشرقية، وكان يقوم على أساس تصفيات أندية كل منطقة لوحدها بخروج المغلوب، كما كان لكل منطقة دوري عام من دورين يقتصر فقط على أنديتها.
وفي عام 1390 هــ 1970 م تم دمج جميع أندية المملكة في قرعة واحدة ولعب على نهائي كأس الملك في ذلك العام الأهلي والوحدة كأول فريقين من منطقة واحدة يلعبان على النهائي.. واستمر العمل بهذا النظام إلا أن تسميته بكأس ولي العهد قبل عشرين عاماً !

في عام 1386 هـ ــ 1966 م تولى الأمير خالد الفيصل إدارة رعاية الشباب وأحدث نقلة كبرى في التنظيمات الرياضية، وفي عهده أقيم أول دوري بين أبطال المناطق الذي أشار إليه الأخ عمرو سراج ودوري المصيف وبطولة منتخبات المناطق، كما استمر كأس ولي العهد، لكن جميع هذه البطولات لم تكن منتظمة.. وإنما تقام بين فترة وأخرى !
ومن أبرز قراراته :
عام 1387 هـ ــ1967 م
إلغاء أندية الدرجة الثانية داخل المدن والاكتفاء فيها بأندية الدرجة الأولى ودمج بعض الأندية وبالتالي إلغاء نظام الصعود والهبوط وكان ضحيته النادي الأهلي في بريدة (الرائد حالياً) الذي صعد ذلك العام إلى مصاف أندية الدرجة الأولى.
في عام 1392 هـ ـ 1972 م
تولى الأمير فيصل بن فهد الإدارة العامة لرعاية الشباب وأحدث فيها نقلة كبرى نوعية وفنية حيث استقلت بعد عامين عن وزارة العمل ثم تم تحويلها إلى رئاسة عامة وأعيد تشكيل الاتحادات الرياضية وتغيير مسمياتها والالتفات إلى الدوري والاهتمام به كأهم وسائل تطوير الكرة فصدر قرار جمعية كرة القدم في نهاية عام 1394هـ ـ 1974م بتصنيف الأندية حيث جرى تقسيم أندية الدرجة الأولى بالمملكة وعددها 16نادياً وهي :
الهلال والنصر والشباب واليمامة (من الرياض) والأهلي والاتحاد والربيع (من جدة) والوحدة والكفاح (من مكة) والقادسية(من الخبر) والاتفاق والنهضة (من الدمام) وأحد والأنصار (من المدينة) والخليج (من سيهات) وعكاظ (من الطائف) إلى مجموعتين ولعبت كل مجموعة بطريقة الدوري من دورين بحيث تم تصنيف الأربعة الأوائل من كل مجموعة في الدرجة الممتازة وعددها ثمانية، ومن الخامس إلى الثامن في الدرجة الأولى وعددها ثمانية أيضاً وبقية أندية المملكة أندية درجة ثانية وإقرار مبدأ الصعود والهبوط.
وضم أول دوري ممتاز أندية الهلال والنصر والشباب والرياض (اليمامة) والأهلي والوحدة والاتحاد والقادسية.
أي أن التصنيف تم بناء على مستويات الأندية وليس للتقسيم الجغرافي! وكان من الممكن أن لا يوجد ناد من المنطقة الشرقية ضمن الأندية الممتازة دون أن يؤثر ذلك على مسيرة الدوري وتسميته حيث أصبح الدوري باسم المملكة ولا علاقة لتسميات المناطق فيه.. وهذه المعلومة أردت التأكيد عليها تعليقاً على رسالة الأخ عمرو!
وأقيم أول دوري موسم 94ـ1395 هـ لكنه لم يستكمل بسبب استعدادات المنتخب لدورة الخليج الرابعة في قطر، ثم أقيم في الموسم التالي 96ـ1397 هـ الموافق 76ـ1977 م واستمر حتى تاريخه مع بعض التعديلات.
أما ما يتعلق بكلام الأخ عمرو سراج عن البطولات وتوثيقها.. فأنا أتفق معه على أهميتها فهناك بطولات أغفلت بالفعل..
فالبطولات الحالية التي يتداولها الموثقون وعلى ضوئها تحتسب للأندية هي البطولات القائمة والمعروفة والمعتمدة من اتحاد القدم (كأس المؤسس كأس الملك , ولي العهد , الدوري، كأس الأمير فيصل) وكذلك البطولات الدولية وبطولة الدوري التصنيفي وهذه البطولة لم تكن معتمدة في السابق. حيث إن قرار تصنيف الأندية لم ينص عليها من البداية.. وبعد أن تم تصنيف الأندية وانتهاء الدوري التصنيفي رأى القائمون إقامة مباراة بين بطلي المجموعتين الهلال والنصر وفاز بها النصر..
لكن هذا لا يلغي جدارة النصر وأحقيته بها.. وإضافتها إلى سجلاته.. كبطولة مستحقة.
ومن وجهة نظري الشخصية
أرى أن البطولات التي يفترض أن تعتمد هي :
- البطولات الخارجية والدولية المعروفة
- البطولات المحلية القائمة حاليا.
- بطولة الدوري التصنيفي.
- أي بطولة سابقة أقيمت على مستوى المملكة لأندية الدرجة الأولى من أبطال المناطق.. وليس بطولات الدوري على مستوى المناطق.
وعلى هذا الأساس:
أرى أنه لابد من أن يتحرك الاتحاد السعودي لكرة القدم وعبر إحدى لجانه المهتمة بهذا الشأن.. بتوثيق هذه البطولات واعتمادها.. بدلا من العبث القائم حالياً.. والعشوائية.. في الاختيار واعتماد بطولات.. لا يمكن إدراجها تحت هذا المسمى.. أو ازدواجيتها.. فمن غير المنطق.. أو المعقول.. احتساب بطولة الدوري على مستوى المنطقة.. ومعادلتها ببطولة دوري زين مثلا.. أو اعتمادها !! حتى أن البعض اعتبر فوزه بكأس الملك.. أو بطولة أبطال المناطق بطولة.. وفوزه بالدوري المؤهل لها بطولة أخرى وهذا غير منطقي.!!
إن البطولات الضائعة أو (المضيعة !!).. ليست فقط هي ما نبحث عن توثيقه.. وكتابته.. بقدر ما نبحث أيضا عن كتابة تاريخنا الرياضي ككل وتوثيق هذا التاريخ، طالما أننا نملك الآن أدوات البحث ومحركاته والقدرة على ضبطه.. حتى لا يأتي يوم يضيع فيه هذا التاريخ وسط ركام العواطف.. وبين أيدي العابثين.
والله من وراء القصد