|


فهد عافت
الجَمَال: رَيَّاهُ ومُحَيَّاه!
2022-01-04
ـ تعرف كل شيء عن شيء!. غالبًا، يكون هذا غرورًا، وهذه مصيبة دون شك، لكن المصيبة الأكبر هي في ذلك الاحتمال الضئيل بأنْ يكون الأمر حقيقةً، لا غرور فيه!.
ـ لماذا هي مصيبة أكبر؟! لأنّك ستملّ من ذلك الشيء الذي تعرف عنه كل شيء!. ولسوف تفقد دهشتك تجاهه، وتجاه تحوّلاته، فأنت تعرفها هي الأخرى، تعرفها عن ظهر قلب!.
ـ وبفقدانك الدّهشةَ تفقد سعادة الطفولة التي كان يمكن لقليل من الجهل تزويدك بها كلّ مرّة!. الغرور توهّم. لكن يمكن لهذا الوهم أن ينجرف وأن يتبخّر ويطير فجأة، مع أول لحظة اكتشاف جديدة ومعرفة جديدة،.. وإحساس جديد!.
ـ يمكن، إذن، للغرور والوهم الإبقاء على بصيص أمل، باكتساب شهقة إعجاب جديدة، وفرح دهشة طازجة، وسعادة مفاجِئة!. لكن، وفيما لو كان أمر المعرفة الكليّة حقيقةً، لا غرورًا، فقد أُوصِد الباب تمامًا على احتمالٍ كهذا. ربما أُوصِدَ على كل احتمال!.
ـ قد لا يكون الجديد جميلًا، لكن الجميل حقًّا؛ جديد دائمًا!.
ـ من أسرار الجميل الإبقاء على إحساسك بوجود شيء فيه لم تصل إليه بعد!.
شيء تحسّه، وتكاد تلتقطه، لكنه ينفلت من بين يديك!. شيء مُتحرِّر تحرّر العطر والبخور، لا يمكن تأطيره!.
ـ وما لا يُمكن تأطيره؛ لا يُمكن حبسه!. وما لا يُمكن حبسه في زمن واحد أو مكان محدّد؛ لا يُمكن وصفه ولا التعبير عنه بكلمات ساكنة، لأنّ شكله ومعناه، ريّاهُ ومُحيّاه، يتغيّران على الدّوام!.
ـ لماذا قال الشاعر: “الصّمتُ في حَرَمِ الجَمَالِ جَمَالُ”؟! لأنّ الخَيَار الآخَر الوحيد المُتاح، هو أنْ تظلّ تتحدّث طول العمر، دون انقطاع، عن هذا الجَمَال!. ولسوف تلجأ إلى ثرثرات خائبة كثيرة، ولسوف يصعب الوصول إلى تلك العبارة الرائعة التي نجَحْتَ في التقاطها بما يُشبه الصّدفة والحظّ الحسن!. وحتى هذه العبارة، وفيما لو تمّ وصولنا إليها من بين أكوام ثرثرتك الطويلة، لن تكون كافية شافية وافية صافية مهما فعلت!.
ـ فِطرَة إنسانيّة: الوقوف لحظات لتأمّل الشيء الجميل!. يمكن لأي واحدٍ منّا تذكّر حدوث ذلك معه أكثر من مرّة. في المقابل، تصدُّ النفس عن الشيء الذي تستقبحه، وهذه فِطْرَة إنسانيّة أيضًا!.
ـ ما يُمكن للأدب والفن تقديمه لنا، هو تنمية هذه الفِطْرَة، والإبقاء عليها حيّة يقظة متوقِّدَة ومُعَافاة!.
ما نصل إليه، عبر الفنون والآداب، هو الانتشاء بقصورنا المعرفي!. هو الوثوق من غفلتنا عن…، أو.. جهلنا بشيء، بأشياء، وربما بكل شيء عن شيء واحد، أيّ شيء،.. كلّ شيء!.