|


فهد عافت
في مديح النّقد!
2022-03-21
ـ النّقد شيء مهمّ وعظيم ومفيد للغاية، بل وممتع إلى أبعد حدّ، شرط معرفة الإمساك به!. النّقد مليء بالشّوك ولكنه كذلك لوفرة الورود فيه “وَفْرَة الشّوك تعني: وردْ وافِر”!.
ـ والإمساك الأطيب به يستلزم ارتداء قفّازات حامية!. وأهم نوع من أنواع القفّازات الحامية الواقية، هي تتبّع النّقد الأدبي والجمالي والاجتماعي الأخلاقي، والإنساني عمومًا، قبل أن يتوجّه إلينا بشكل مباشر!.
ـ النّقد الموجّه إلينا بشكل خاص ومباشر، نشعر بخشونته وثقله سريعًا، وفي الغالب يُغضِب شيء ما في داخلنا، وفي كل غضب نسبة من العَمَى تشوّش الرؤية أو تمنعها، وفي هذه الحالة تكون الاستفادة قليلة أو غير ممكنة!.
ـ وحتّى أولئك الذين نتقبّل، أو نزعم أنّنا نتقبّل، منهم نقدهم لنا بشكل مباشر، فإننّا نضيق بهم ذرعًا فيما لو صار نقدهم هذا صفةً ملازمة لهم طول الوقت أو معظمه!.
ـ ثمّ أنّنا وحين نكون لطفاء معهم، إنما نفعل ذلك في الغالب بِنِيَّة تأليف قلوبهم أو إعادتها إلى صفائها!. هذا يعني أنه وبرغم لطفنا الظاهر وتقبّلنا الخارجي لنقدهم لنا، إلّا أنّنا افترضنا فيهم شيئًا من عدم الصّفاء تجاهنا، وهو أمر قد لا يكون حقيقيًّا ولا صحيحًا!.
ـ والأفضل والأطيب، فيما أظن وأرى، هو استباق كلّ ذلك بالتّنبّه لكل نقد فاعل ومؤثر ونشعر بأهمّيته ونفعه يكون موجّهًا لغيرنا، والأكثر صفاءً ونقاءً، حين لا يكون هذا النقد موجّهًا، أيضًا، لمن نعرف ونتعايش وتربطنا بهم صلات واقعيّة يوميّة من الناس، فهؤلاء ومهما حاولنا “ليسوا غيرنا”!. إنهم نحن، أو هُم يشكّلون جزءًا منّا، بشكل أو بآخَر!.
ـ حين أقرأ نقدًا طيّبًا قويّ الحجّة بليغ العبارة موجّهًا لبيكاسّو، أو لابن رُشد، أو لماركيز، أو لموسيقى عبدالوهّاب مثلًا، أو نقدًا فنيًّا أو أدبيًّا أو إنسانيًّا بشكل عام، فإنّ أوّل ما يجب وضعه في الحسبان، أنّ هذا النّقد موجّهًا لي بطريقة أو بأخرى، وبشكل أو بآخَر!. يحق لي ويتوجّب عليّ هذا، ليس بحكم امتلاكي لموهبة تقترب من مواهب من وُجّه إليهم النّقد، لكن طالما أنّ النّقد راق لي، فهو بالتّأكيد يعنيني، حتى لو لم أعرف على وجه الدّقّة في ماذا يعنيني بالضّبط!. عليّ أن أحاول معرفة في ماذا يعنيني؟! وهي معرفة تبدأ بسؤال النفس: لماذا طاب لي هذا النّقد وكيف أثّرت فيّ هذه الملاحظات؟!.
ـ أحيانًا تكون زاوية النّقد وعين النّاقد البصيرة وجملته الأثيرة أسبابًا كافية للاستمتاع والتّأثّر والتّغيّر للأحسن!.