|


فهد الروقي
(الفوز الأعظم)
2022-11-25
طفل تونسي تُحبس أنفاسه في الوقت بدل الضائع، ووالدته التي تصوّره تحاول أن تهدئ من روعه، ودموعه تغرق عينيه، وعامل سوداني في ورشته الصغيرة ترك ما في يديه، وأخذ يستمع لإذاعة محلية في جواله، وسبعيني أردني مقعد، يذهب لمقهى بعيد عن منزله على كرسيه المتحرك، ليشاهد ويتفاعل، وشاب سوري يخرج في الطرقات يحمل بين يديه (صينية بقلاوة) احتفالًا.
رجال (هنود) في قرية بعيدة على أطراف غابة غناء يصنعون صورة ضخمة لسالم الدوسري، وسبعيني من ريف مصر يجلس بجوار (الغيط) متكئًا على عصاه يردد شعرًا من صياغته تغنيًا، وأسرة لبنانية شيبًا وشبانًا يتراقصون ويتغنون في شرفة منزلهم المطلة على البعيد، وسوق (واقف) في قطر وأسواق متحركة وثابتة في كل دول الخليج تطايرت فيها الغتر والعقل، وكأنها سحائب من بهجة بيضاء تدل على صفاء القلوب وطهارتها، و(شويخ من أرض مكناس) وكل المدن المغاربية تتعالى فيها أصوات الله أكبر، وترتفع فيها راية التوحيد، ومسيرات احتفالية مبهجة، وعراقيون من شمال العراق إلى جنوبها (يهوسون) للفرحة الكبرى، وبعضهم تواجد في المدرجات داعمًا ومشجعًا، وعامل من (مدغشقر) أغرورقت عيناه بالدموع، وترك عمله الذي يتقاضى منه أجره اليومي، ليشارك بفرحته البسيطة، لكنها عظيمة، حتى من ينتمي لأراض يديرها أعداء لنا صفقوا للانتصار العظيم، بل الأعظم في تاريخ المشاركات العربية في المونديال العالمي، أيها السادة هذه لمحة بسيطة عن ردود الأفعال بعد انتصار المنتخب السعودي على الأرجنتين، وفلتته (ميسي)، وفيها ظهرت مكانة السعودية العظمى في نفوس العرب والمسلمين، والتي يحاول الإعلام المغرض من سنوات طويلة إخفائها وإظهار عكسها، لم أتحدث عن الفرحة المحلية، ولو تحدثت، فهل هناك أعظم من مكرمة خادم الحرمين بيوم إجازة، ومن (سجدة) معزّي الثاني، ومن فرحة كل شرائح المجتمع السعودي حتى ممن لا تستهويهم كرة القدم ولا يتابعونها.
هل شاهدتم الجراح العالمي وهو يفصل عن الحدث، وطالب المرحلة الابتدائية وهو يقرأ في كتابه تارة، ويشاهد التلفاز تارة أخرى.
هل شاهدتم مقطع الأمهات وهن يدعين الله بتضرع، وعامل النظافة الآسيوي وهو يقفز بجنون بين مجموعة من الجماهير السعودية، وهل رأيتم الباب المخلوع الذي ذهب ضحية فرحة صادقة.
هذا ما نقلته لنا وسائل الإعلام والسوشل ميديا، ومما لم تشاهدوه ما يحدث في طرقات الدوحة وضواحيها وأسواقها حين تردد جماهير أعجمية الأهازيج السعودية بلكنة ركيكة، لكنها في نظري أجمل من رائعة أم كلثوم “أغدًا ألقاك”.
(لمحة)
دعوني فقد هامَ الفؤاد بحبِّهِ
وما منيتي إلا الحياة بقربه
فليس لهُ بينَ البلادِ مُشابه
وكلُّ بني الإسلامِ تحدُو لِصوبهِ