|


سعد المهدي
تذكرة عودة لزمن مع وضد
2023-07-08
كان دخول المواقع والصحف الإلكترونية لحظيرة الإعلام قبل عقدين من الزمن قد أدى إلى أن لا جهة أو فرد يمكن له أن يمتلك منفردًا التعبير عن رأيه، أو احتكار مصادر الخبر أو تحديد اتجاهات الرأي، تعزز ذلك مع توالي منتجات التكنولوجيا التي وفرت بين يدي الجميع أجهزة ذكية تتلقف كل فترة منصة جديدة للتواصل، وهو ما انتهى حتى الآن إلى تغيير واسع في خارطة الكيانات الإعلامية، وظهور المنصة “الفرد” التي يتفوق بعضها على المنصة “الكيان”، وهذا كان أمرًا جيدًا لمعرفة أن في الطرف المقابل للوسائل التقليدية من هم أكفأ منهم، وكذلك أسوأ بكثير.
كان للمجتمع الرياضي تصنيفات خاصة به، في قبول ورفض وسيلة إعلامية أو إعلامي، لكنها كانت تدور حول ما يرون أنه “مع أو ضد” النادي الذي يميلون له، حتى وإن غلفوها بمبررات مقنعة مثل البحث عن “الأمانة والحياد والموضوعية”، هذا لا يعني أن البعض كان يقصد ذلك فعلًا، لولا أن ما يبحث عنه إنما هي مهنية بمقاييسهم وحسب ما يرغبون، بدليل أنهم يرون أن وسيلة إعلامية أخرى لا تختلف في منهجها عن سابقتها تتمتع بالمصداقية، فقط لأنها توافقت مع ما يعتقدونه أو أرضت ما بداخلهم تجاه ناد ونجوم وقضايا تضر أو تخدم مصالحهم.
كانت الصحافة أقوى وأهم وسائل الإعلام، ولا زالت كذلك بغض النظر عن وسيلة النشر مطبوعة أم على منصات إلكترونية متنوعة، كذلك ظل الصحفي الجيد يقف وراء كل صناعة الأغراض الصحفية الأخبار والتقارير والتحقيقات والحوارات والتصوير والتصميم وغيرها، أيًا كانت الوسيلة تلفزيونية، إذاعية، مواقع التواصل، أو صحف، ولا زال المهمين من كتاب الرأي في كل شأن لهم حضورهم في التأثير وافتتاحيات الصحف مرجع مهم للمحللين، وصناع القرار في الدول، كما أن “الصحافة” هي الصفة لكل ما يظهر على وسائل الإعلام، و”الصحفي” هو الاسم لكل العاملين في المهنة.
خلال العقدين الماضيين مارس البعض فصلًا بين الصحافة ومحتواها وصناعها من الصحفيين، بحيث تم استبدال الصحافة والصحفيين بواجهة “الإعلام الجديد وصناع المحتوى”، الذين هم في النهاية “صحافة وصحفيين” بوسائل جديدة “لا” إعلام جديد، لأن الإعلام هو الإعلام بأغراضه ومبادئه، وأدواته الصحفي والصحيفة اللذين يصنعان ويغذيان الوسيلة، أتذكر أن المواقع والمنتديات التي رفعت شعار التحرر من “الصحف”، خاضت على مستوى “الأندية” وبعض المنتمين لها تجربة فاشلة، في تأكيد أنهم إنما كانوا يبحثون عن العمل الصحفي المنضبط بالموضوعية، والمهنية كما كانوا يطالبون به “الصحافة” من قبل، وحفلت مرحلتهم بتجاوزات معيبة، لم تصل لها الصحافة يومًا.