|


سعد المهدي
تريد إعلاما محايدا وأنت منحاز!
2023-07-15
في الواقع لا يوجد في العالم إعلام محايد، وما تصنفه بالمحايد هو كذلك بالنسبة لك أو من يشاركك في الاهتمام بشيء “ما” أو مصلحة خاصة، كما أن الموضوعية التي هي أقصى ما يتمناه البعض أو يزعم أنها منهجه، هي نسبية.
الانحياز المطلق لطرف يكون فجًا إذا ما صاحبته حرب غير شرعية على الأطراف الأخرى، ويمكن تفهمه إذا اختار لغة نظيفة وابتعد عن الألعاب القذرة، وهي مسألة أخلاقية ربما لا يأخذها البعض في اعتبارهم دائمًا.
باستعراض صحف العالم أو محطاته الإخبارية؛ إذاعية وتلفزيونية تجد أنها لم تكن على مدى تأريخها الطويل تصنع محتواها بحيادية، ومعظمها لا تخفي انحيازها في قضايا ليست عادلة، بل وتتعمد إخفاء الحقيقة لترجح الطرف، الذي تنتمي إليه أو تشترك معه في مصلحة وهدف واحد.
في الخمسين عامًا التي مضت وأكثر كان هذا سائدًا في الشأن الرياضي لصحافتنا ثم انسحب هذا الأمر على مواد للإذاعة والتلفزيون وهي بنسب “انحياز” متفاوتة وفي أقصاها لم تصل إلى ما يتبع في صحف العالم ومحطاتها الإخبارية بما فيها العالم الغربي، إلا أن الفارق كان تفهم وعدم تفهم المتلقي في الجانبين لما يمكن أن يكون عليه تصنيف المؤسسة الإعلامية.
كان يقال إن “الهلال نادي الصحافة”، بمعنى تؤازره وتقصي منافسيه وتتم تسمية هذه الصحف، ومن منظورهم أن هذا يعيبها ويطعن فيما ناله الهلال من إنجازات، لكنهم بذلك يستثنون صحفًا أخرى من الذكر مع أنها لا تختلف عما يسمى “صحافة الهلال”، إلا إذا كانوا لا يلمسون لها تأثيرًا. ومع الاتفاق على أنه توجد صحافة بهذا المنهج لكنه لا يمكن لها أن تملأ خزائن نادٍ بالذهب ولا أن تصنع له تأريخًا، وإلا لحدث ذلك مع أندية الصحف الأخرى.
أول المنحازين هو المتلقي، لا يكتفي بهذا بل يريد للمنصة الإعلامية أن تنحاز له، وما تظهره “السوشال ميديا” من طرح عكس ما كان يدعي المطالبون بالحياد أن تنتهجه الصحافة قديمًا، بما فيها الأندية نفسها منذ أنشأت مواقعها الإلكترونية إلى حساباتها ومراكزها الإعلامية، والحقيقة أن “الجميع” استخدموا منصاتهم فيما يرون أنه في حدود الجائز.
غير صحيح أن على الوسيلة الإعلامية أن تكون محايدة بمفهوم كل تيار بل عليها أن تنحاز لتنفيذ سياستها التحريرية، التي تحقق في النهاية أهدافها وأن تعارض مع مصالح غيرها، على أن يحتكم الجميع في خلافهم على ذلك لجهة اختصاص فهي الوحيدة التي عليها أن تكون “محايده” مع منحازين، وعادلة بين متخاصمين.