|


طلال الحمود
«المدرعمون» في الأرض
2023-08-26
أجرت شبكة “ESPN” الرياضية مقارنةً بين الدوري الأمريكي ونظيره السعودي بعد صيف التعاقدات اللاهب، واستقطاب عشرات اللاعبين من الأندية الأوروبية إلى المنافسات المحلية في البلدين.
وعدَّ محللو الشبكة، أن البطولة الأمريكية، تتفوَّق بعناصر جذب، أهمُّها كثرة النجوم، وحجم الصفقات، ومعدل أعمار اللاعبين، فضلًا عن نسبة الرطوبة، ودرجات الحرارة. ومع أن نتائج المقارنة لا علاقة لها بالحقيقة، لكنها فتحت الباب لدخول “المدرعمين” من الإعلاميين، ومستخدمي الحسابات العربية في مواقع التواصل الاجتماعي، لتناقل مغالطات هذه الشبكة، والتعامل معها على أنها “حقائق”.
اللافت أن “المدرعمين” العرب، لم يستفيدوا من سهولة الحصول على المعلومة من الشبكة العنكبوتية لخدمة طرحهم في البرامج، وتعليقاتهم في المواقع، خاصةً أن نتائج المقارنة، التي أوردتها الشبكة الأمريكية، تبرهن تعمُّدها عكس الحقائق، التي تُظهر أن معدل أعمار اللاعبين، وعدد النجوم، ومبالغ الصفقات عناصرُ، تصبُّ في مصلحة الدوري السعودي، إذ اكتفى الأمريكان بثلاثي برشلونة، ليونيل ميسي وجوردي ألبا وسيرجيو بوسكيتس، لقيادة إنتر ميامي في مبارياته ضد منافسيه في مدن هيوستن، ودالاس، وأتلانتا وسط درجات حرارة، تتخطى 40 درجةً مئويةً.
ومع اختلاف الناس بشأن تعريف جامع مانع لـ “الدرعمة”، لكن الصفة المتَّفق عليها أن “المدرعم” شخصٌ، يعتمد على حاسة السمع في تلقي المعلومات، واتخاذ القرارات بناءً عليها دون أن يكلِّف نفسه عناء التحرِّي عنها، وهذا يعود غالبًا إلى عدم رغبة هذا الشخص في بذل أي جهد حتى لو كان ذهنيًّا، يتطلَّب التفكير، والأسوأ أنه مخلوقٌ، يسيء الظن، ويؤمن بحقيقة ما يصله من خلال الهاتف، أو عبر رسائل “واتساب” بنسبة تزداد مع ما تحمله من تشكيك! كما أنه يثق ثقة عمياء بالمرسل حتى وإن كان لا يعرفه توفيرًا للجهد الذهني، وحبًّا في التشفِّي.
ومع أن هؤلاء الذين “درعموا” وراء الشبكة الأمريكية، اكتشفوا لاحقًا عدم صحة معلوماتها، وفساد مقارنتها، لكنهم لم يبادروا بالتصحيح لاعتبار أن سرد القصة، يتطلَّب جهدًا في النطق والكتابة والإرسال، فضلًا عن أن الأمر يتضمَّن اعترافًا صريحًا بـ “الدرعمة”، وهذا مرفوضٌ عند جمهور “المدرعمين”، لتعارضه مع مبادئ مهمة، تقوم عليها حركة “الدرعمة”، في مقدمتها تعطيلُ العقل، وحبُّ الذات، والرغبةُ في التشفِّي! ويكفي “المدرعم” انتكاسةً أن تظهر الحقائق إيجابيةً عكس أمنياته بسماع الأخبار السلبية، والمحرِّضة على “الدرعمة”، لأن سعادة هذا المخلوق لا تكتمل إلا بالتشكيك الدائم، والبحث عن نقض الحقيقة مها كلَّف الأمر بعيدًا عن حسابات النتائج والأضرار.