|


سعد المهدي
من يكتب روايتنا الكروية؟
2023-09-02
الإيطالي لوشيانو موجي يصفه البعض بأعظم مدير صفقات في تاريخ كرة القدم، كان محور كتاب اجتمع على تأليفه اثنان مهند يوسف وفراس السعيد، وقال عنه نخبة من الإعلاميين قبل الطباعة ما يستحق عند الانتهاء من قراءته سردًا، ولغة وتشويقًا وقصصًا وأحداثًا، وأناقة وصف، وتطابقًا مع عبارات الإعجاب التي دونوها في الصفحات الأخيرة للكتاب المعنون بـ “موقوف مدى الحياة”، فقد كان تحفة أدبية لتوثيق تاريخي “كروي” ممتع جرت وقائعه، في أسخن بقعة كروية، في العالم إيطاليا.
ماذا عن روايتنا “الكروية” هل يمكن، لها أن تتجاوز محيط القصص “المفبركة” والرويات “المتناقضة”، التي تهدف في حبكها لتغيير الحقائق، أو استبدالها كليًا بما يحقق انتصارات زائفة، لا يمكن لها أن تصمد دون حماية من المستفيدين من جعلها أحد أسلحتهم للبقاء في الذاكرة، أو المنتفعين منها كسبب في الظهور، والتكسب على حساب تاريخ الكيانات الوطنية، والرجال الذين عملوا على التأسيس والنشأة، إلى أن أثمرت وأنجزت؟
الربط بين محتوى كتاب “موقوف مدى الحياة”، وما هي عليه “روايتنا” الكروية، هو في فكرة استثمار الوقائع والأشخاص في جعلهما منفذًا على التاريخ، بما لهم وعليهم، بلغة وصف لا استنتاج لما يوافق هوى أو يمنح نقاط لرصيد أيًا كان، وهي مسألة يرتقي فيها المدون إلى مرتبة عليا من الصدق والأمانة وجدية البحث والتنقيح. ليس بهدف الوصول إلى ما يريد، بل إلى ما هو حاصل ومتحقق، وتبقى اللغة لجعل السردية مطمئنة للقارئ نحو سلامتها، وخلوها من نزعة التشويه، أو التزوير والانتصار للخرافة.
القادرون على كتابة وتدوين قصص الأحداث، من أي زاوية، وسير الشخصيات والنجوم والأماكن في أي مرحلة، يمكن لهم التمهيد لمن يستطيع جمع تلك المتفرقات، ومقاربتها للتوثيق المقصود به التأريخ للحالة الرياضية ككل، الذي يعد رصد نصيب كل ناد من البطولات جزءًا بسيطًا منه، إذ هو أوسع وأعمق حيث تماسه مع الحالة الاجتماعية وتأثره بالحالة الاقتصادية والظرف السياسي، ولشخوص أنهت مهمتها في ظروف وزمن وغادرت يمكن للباحث أن يطل عليها من أعلى حيث الصورة الأوسع التي لا يجب أن تكون بينها القصص “المفبركة” أو الاعتماد على الرواة “الكيديين” وأن تبتعد نهائيًا عن تأثير ما حدث فيما بعد.
تاريخ الكرة السعودية الذي أسس، يجب أن يحفظ بكرامة، وهو اليوم يكتب تاريخًا يتلقفه كل العالم بالدهشة والاحترام.