|


أحمد الحامد⁩
العالم الذي نعيش
2024-03-27
لا تتوقف أخبار ودراسات العالم الذي نعيش، وأفهم أن الأخبار تتوالى لأن العالم مليء بالأحداث، لكني لم أفهم سبب كثرة الدراسات، أصبحت تنافس الأخبار، وأصبحنا نشاهد أصحاب دراسة يتراشقون مع أصحاب دراسة تكذّب دراستهم، حتى أن الدراسات لكثرتها لم يعد المتحدثون في الإعلام يستخدمونها كثيرًا لتقوية حججهم، وأذكر ضيفًا على قناة فضائية عربية ما إن قال: تقول آخر الدراسات حتى قاطعته مقدمة البرنامج: دخيلك ما تقلي دراسات وما دراسات.. أنا هلأ بجيبلك عشر دراسات تفنيص!.
بالطبع لن آتي لكم بدراسة «تفنيص» بل بفائدة من خبيرين في علم النفس: كيف تكتشف الشخص الكاذب. عالم النفس درو كريس والدكتور كريستيان هارت أستاذ علم النفس اشتركا بتأليف كتاب «الكاذبون الكبار: ما يخبرنا به علم النفس عن الكذب وكيف يمكنك تجنب التعرض للخداع». العالمان وصفا الكاذبين بالممثلين الرائعين، وأنهم بارعون في التظاهر بالعواطف، ويفكرون بسرعة، ولديهم ذاكرة جيدة، ومستمعون جيدون. لكن أهم صفة تكشف الكاذب هي (التحقق) من ادعاءاته. أريد هنا إضافة أمر لما قاله زملائي العلماء كوني عالم نفس أيضًا، لا أملك شهادة بل بالخبرة. عندما تريد التحقق من شيء عليك تجنب العاطفة، أي لا تجمع بين عاطفتك تجاهه وبين ما يقوله. أتذكر أحد الشباب عندما أحب فتاة وهام بها، قال له أحدهم بأنها فتاة تهوى الكذب وتتنفسه، لكن صاحبنا كان هائمًا وقال: يا زينها ويا زين كذبها، خلوها تكذب لين الصبح!
لم أفهم إلى اليوم كيف يطلق أحدهم عملة رقمية لأنه قرر ذلك، ولا أفهم كيف أن أشخاصًا درسوا في الجامعات ليتعلموا كيف يفكرون، تجدهم يندفعون لشراء عملات لا أصول لها، العجيب أن بعضهم أصبحوا مليونيرات، ولا بد أن هناك من أصبحوا مديونيرات. لا ينقص عالمنا سوء فهم أكثر من سوء الفهم الحاصل، على الأقل عندي أنا. آخر ما قرأته عن بريطاني يحمي كومة من النفايات لأنه يظن أن القرص الذي احتفظ فيه بالكلمة السرية موجود فيها، حكايته انتشرت قبل عدة سنوات وتقول أنه رمى القرص بالخطأ، وبحث في مركز النفايات دون أن يعثر عليه، حينها كانت ثروته الرقمية تجاوزت الـ 200 مليون جنيه إسترليني لو أنه وجد القرص، الجديد أنه لم ييأس إلى الآن، وما زال يبحث بدقة، لأنه إذا ما وجد القرص فسيحصل على مليار ونصف جنيه، لأن العملة الرقمية ارتفعت. تخيل أن يكون لديك مليار ونصف جنيه مع وقف التنفيذ!، الحمد لله أني لم أدرس الاقتصاد، لأنني سألغي كل ما تعلمته وأنا أقرأ عن العملات الرقمية. في الحملة الانتخابية لبيل كلينتون صاغ له مستشاره جيمس كارفيل عبارة (إنه الاقتصاد يا غبي) كانت العبارة موجهة لجورج بوش الرئيس حينها، الجملة رسالة مفادها أن بوش لم يهتم بالاقتصاد. لا أدري إن كان كارفيل سيكتب نفس الجملة في عالم تظهر في اقتصادياته عملات رقمية لا أساس لها!.
دوستويفسكي: ربما يكون سبب وحدتك أنك رأيت شخصًا واحدًا على أنه الجميع.