بعد سنة من الغياب.. مدرب برشلونة ونجم هولندا السابق فرانك ريكارد يعترف
مضت سنة تقريباً على غياب "فرانك ريكارد" عن أضواء الساحة الكروية، ولهذا فقد كان أمام هذا الأسطورة الهولندي متّسع من الوقت لتقييم تجربته الأخيرة التي أدار فيها دفة نادي "برشلونة"، ورغم امتناعه عن الخوض في الأحداث التي رافقت أيامه الأخيرة مع العملاق الكاتالوني، إلا أنه لا يزال يمثل شخصية لها وزنها ورأيها في الشؤون المتعلقة بعالم الساحرة المستديرة.
ما إن وطأت قدم "فرانك ريكارد" أحد مطاعم جامعة "ويتس" في جوهانسبرج، قبل إجراء حوار حصري مع موقع FIFA.com، إلا وبدأ النجم الهولندي السابق التلويح بيده لتحية المعجبين مع ابتسامته الوديّة المعتادة، وبمجرّد ذكر اسم "برشلونة" ينشرح قلب "ريكارد" ويُشرق وجهه، لكنه كان أيضاً مستعداً لمشاركة آرائه عن جنوب إفريقيا وكأس القارات FIFA وكأس العالم FIFA، فضلا عن مستقبله الشخصي في عالم كرة القدم.
ـ هل هذه هي المرة الأولى التي تزور فيها جنوب إفريقيا، وما هي انطباعاتك عن هذا البلد؟
ـ ليست هذه زيارتي الأولى، لقد جئتُ إلى جنوب إفريقيا مرتين في السابق، وفي الحقيقة أتيت إلى هنا عندما لعب نادي "برشلونة" مع نادي "ماميلودي صنداونز"، وأثار إعجابي الجو السائد في الملاعب، وعلى الرغم من أننا لم نمضِ وقتاً طويلاً في هذا البلد الإفريقي، إلا أننا استمتعنا بإقامتنا، حتى أن بعض اللاعبين أتيحت لهم فرصة لقاء الزعيم "نيلسون مانديلا".
لكن الأمر الذي استرعى انتباهي هو ود أهالي جنوب إفريقيا وصدق مشاعرهم، حيث يُلاقيك الناس هنا بالابتسامة والبشاشة أينما حللت وارتحلت، وهذا أمرٌ جيد، لكن لسوء حظي، لم تسمح فترة إقامتي القصيرة وضيق الوقت باكتشاف معالم البلد الأخرى، فمعظم الأوقات كنا نمضيها في الملعب وعندما ننتهي نتوجه مباشرة إلى الفندق عبر الحافلة، ذلك أمرٌ سيء لأنه قيل لنا الكثير عن جمال هذا البلد وعن وجود أماكن رائعة يجب على المرء زيارتها.
ـ برأيك، كيف سيكون أداء المنتخبات الإفريقية في كأس العالم 2010؟
ـ أنجبت القارة السمراء مجموعة من اللاعبين البارزين، وقد نضجت الفرق الإفريقية، فهناك منتخب كوت ديفوار القوي، كما أن المرء يستمتع بمشاهدة أداء الكاميرون، وكذلك الأمر بالنسبة لنيجيريا، أما الفراعنة، فهم أبطال إفريقيا، وبالتالي فإن كل الاحتمالات تبقى واردة، ولهذا لا أسقطُ أي منتخب إفريقي من حساباتي.
ـ هل تُفكر بالعودة في يوم من الأيام لإدارة دفّة منتخب وطنيّ؟
ـ (يضحك) درّبت في السابق المنتخب الهولندي - ومن ثم دخلت غمار عالم الأندية! لا أعتقد في الوقت الراهن أنني سأعود للتدريب على مستوى المنتخبات، إنني مستمتعٌ بالتدريب على مستوى الأندية، لكن المرء لا يستبعد أي شيء في عالم كرة القدم، والباب يظل مفتوحا أمام كافة الاحتمالات.
ـ يتحدث الجميع بحماسة بالغة عن "ليونيل ميسّي"، فما مدى براعة هذا اللاعب برأيك؟
ـ إنه لاعب استثنائي حقاً، لقد قابلته منذ بضع سنوات وذهلتُ بتقنياته الكروية، فهو يتعامل مع الكرة بطريقة رائعة ويسيطر عليها بشكل مدهش، وهو موهبة فطرية لا يمتلكها الكثيرون، ولا يزال "ميسّي" في ريعان شبابه، وهذا أمر جيد لأنه يعني أن مواهبه وقدراته الكروية ستتحسن حتماً مع مرور الزمن، من المفروض أن تُساهم كرة القدم في إسعاد عشاقها، وهذا هو تماماً ما يقوم به "ميسي" على أرضية الملعب، حيث يُدخل البهجة إلى قلوبهم ويجعلهم يستمتعون بهذه اللعبة، أنا شخصيا معجب به كثيراًً.
ـ برز نجم "رونالدينيو" في "برشلونة" خلال الفترة الأولى من تدريبك للنادي، هل تعتقد أن بإمكانه العودة إلى تألقه السابق؟
ـ ينتمي "رونالدينيو" أيضاً لفئة اللاعبين الاستثنائيين، وربما يكون من أفضل المواهب الكروية التي عملتُ معها، ومع "برشلونة"، كان "رونالدينيو" من المميزين الذين يلفتون الأنظار بفنياتهم الباهرة ومناوراتهم الكروية الأخّاذة، ولقد سمعت بعض التعليقات التي تقول إنه لن يستعيد تألقه على الإطلاق، لكني لا أتفق مع هذا الرأي، يجب أن يُعيد "رونالدينيو" التركيز على كرة القدم، ومن ثم لا يوجد عندي أدنى شكّ في أنه سيسترجع أمجاده الكروية، فعلى غرار "ميسّي"، يجلب "رونالدينيو" معه الكثير من السعادة لعشاق كرة القدم.
ـ هل لك أن تُسمّي أفضل لاعب عملت معه؟
ـ تصعب الإجابة عن هذا السؤال أيضاً، أعتبر نفسي محظوظاً كوني درّبت مجموعة من أكثر اللاعبين موهبة في العالم، وأثناء فترة تدريبي لنادي "برشلونة"، كنتُ محاطاً بالمواهب الرائعة، فقد عملت إلى جانب "رونالدينيو"، الذي كان بمثابة ساحر كروي يستمتع المرء بمعاينته، و"ديكو" أيضاً لاعب مهاري وموهوب، وهناك آخرين مثل "تشافي هيرنانديز"، وهو لاعب جيدّ ومجتهد لا يبخل بإعطاء كل ما لديه، كذلك الأمر بالنسبة لـ"أندريه أنيستا"، وبطبيعة الحال يأتي اسم "ميسّي" على رأس قائمة أفضل اللاعبين، أعتقد أنه من الظلم أن أختار اسماً واحداً، فهناك أيضاً الكثير من اللاعبين الذين لم أذكرهم، وهم لاعبون أحترم قدراتهم ومواهبهم الكروية.
ـ تجربتك حافلة وعريضة كلاعب وكمدرّب، من يرجع له الفضل في نجاح مسيرتك الكروية؟
ـ تأثرت بالعديد من الأشخاص طوال مسيرتي الرياضية، لكن ربما يجب أن أشير إلى "يوهان كرويف"، فمازلت أذكر طفولتي، عندما كنت أتأمله حين كان يلعب مع نادي "أياكس"، فقد كنت أقدره جداً وأكن له كل الاحترام، وبعد ذلك استلم "كرويف" دفة تدريب "أياكس"، حيث كنت لاعباً في صفوف الفريق، وكانت لحظة عظيمة بالنسبة لي، وقد تعلمت على يده الكثير من الأمور، إنه يحترم هذه اللعبة جداً ولديه اضطلاع ومعرفة واسعة في المجال الكروي.
ـ تعددت الأقاويل حول مستقبلك المهني، فهل اتّخذت أي قرار بخصوص خطوتك المقبلة؟
ـ مستقبلي أنا؟ أصبحت الشائعات والأقاويل أمراً عادياً في كرة القدم، والصحافة لن تتوقف عن إبداء توقعاتها وتخميناتها، أما أنا، فلا يمكنني حالياً أن أتحدث عن وجهتي المقبلة بالضبط، ربما سيتحدد ذلك خلال الأسابيع القليلة المقبلة، لا أريد أن أغذّي الأقاويل والشائعات، أكنّ الاحترام لجميع زملائي المدربين، وليس بإمكاني القول أني أودّ تدريب نادٍ معيّن لأن هناك زميلاً على رأس عمله يُدير دفة الفريق، يمكن أن نتفاوض إن قدّم أحدهم عرضاً للعمل، فمازالت مهنة التدريب تُغويني، ولكني سأدرّب في الوقت المناسب، وأنا ما زلت أرغب في التدريب على مستوى الأندية، لكن إن كان هناك عرضٌ آخر، فإني سأدرس الموضوع ملياً.