البعض يراه واقع طبيعي.. وآخرون يرونه تشويها للغة
يتهم كثير من المتابعين البرامج الرياضية بأنها تساهم في تشويه اللغة العربية، من خلال بعض من يظهرون فيها، سواء كمذيعين أو نقاد أو محللين، حملنا هذه التهمة لمن تعنيهم، وبحثنا عن رأي المختص في هذا الجانب، فكانت المحصلة هذا التقرير:
البداية كانت مع الكاتب والناقد الرياضي فيصل الجفن والذي قال: “خطاب الإعلام الرياضي فيه لغة هابطة، يقابلها رفض واستنكار من المتابعين نلمسه من خلال الأحاديث المباشرة أو من تعليقات المواقع الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي” وعن أكثر ما يزعجه في هذه اللغة يقول الجفن: “ الخلط بين الانتقاد وجلد الذات والسخرية، فالأولى مقبولة، ولكن الأخير مرفوض وهو ما يصنف ضمن الهابط”، ويضيف الجفن محددا السبب من وجهة نظره: “من أهم الأسباب الاستعانة بمن تغيب عنهم الثقافة ولا يسعون للاطلاع والقراءة والتحضير، وبعض وسائل الإعلام لديها لبس في مفهوم الإثارة، حيث يرون أنها تعني أن يتابعني الجمهور بأي طريقة كانت، ولذلك فهم بعلم أو بدون علم يعطون مساحة لمن يشوه اللغة”، ويختم الجفن بقوله: اللغة السائدة في إعلامنا الرياضي لها دور فيما وصلت له الرياضة السعودية، فكلاهما (هابط مستواه)”.
من جانبه يعزو الكاتب الرياضي محمد الشيخ غياب اللغة الإعلامية المحكية، البيضاء وليست الفصحى، إلى قلة ثقافة معظم من يظهرون في البرامج الرياضية، وفقر الاطلاع، والأهم من هذا أن الواقع يوحي بالاستهتار بقيمة الجهاز الإعلامي الذين يظهرون من خلاله”، ويضيف الشيخ في الوصف: “هؤلاء لا يوجد لديهم رغبة في التطوير” ويستشهد الشيخ بمثال حيث يقول: هناك مذيع أمضى ردحاً من الزمن متنقلاً بين القنوات وهو ممن يشوهون اللغة، بل ويرى هذا المذيع (أن من يستخدمون اللغة الفصحى كذابون) ولذا يجاهر بأنه لا يمكن أن يستضيفهم في البرامج التي يقدمها، وهذا دليل عجزه وعدم قدرته على تطوير نفسه” كما يستحضر الشيخ بعض النماذج التي يراها تمثل المحافظة على اللغة بقوله: “ من يستخدمون اللغة الفصحى هم المتمكنون مثل رجا الله السلمي وبتال القوس، وهم وغيرهم أيضا يقدمون صورة للإعلامي المحترف الذي يحترم المتلقي بالدرجة الأولى ويحترم المؤسسة الإعلامية التي ينتمي لها”.
وفي ذات السياق يقول الكاتب والناقد الرياضي مدني رحيمي: “بشكل عام أرى من الطبيعي استخدام لغة العامة في البرامج الرياضية كي يفهمها السواد الأعظم من المتابعين، ولو كنا في مجال ثقافي أو أدبي لطالبنا بالحديث بالفصحى، والأهم هنا وصول المعنى للمتلقي” وعن التي يجب توفرها يقول رحيمي: “الأهم أن تكون اللغة بعيدة عن خدش الحياء” وعن تعليقه على من يتهمه شخصياً في كونه ممن يشوهون اللغة يقول رحيمي: “ المتخصص في اللغة يرى ذلك تشويها، لكن الذي يهمني هو المتلقي العام، ولو تحدثت الفصحى في التحليل والنقد سيظهر من يتهمني بالتكلف والتنفير، أنا لست في محاضرة، إنما في برنامج رياضي يخاطب شرائح متعددة”.
وللتعليق على الموضوع، يقول الخبير الإعلامي الدكتور أحمد عبدالملك: “تخريب اللغة في الإعلام يحدث على أكثر من صعيد، وذلك نتيجة غياب التعامل بمهنية مع اللغة مقارنة بالجيل السابق، الذي كان أكثر حرصاً عليها، وكان الشرط الأساسي لكل من يظهر التمكن في اللغة” ويدلل عبد الملك على حديثه حيث يقول: “أسمع كثيراً معلق مباراة يقول (نزل الفريقين إلى أرض الملعب) ويتجاهلون أبسط قواعد اللغة فينصبون مرفوعا ويرفعون مجرور، وإذا نقدتهم يقولون نحن نخاطب الجمهور بلغته، بينما هم يشوهون اللغة”، وعن المسؤول عن هذا الواقع يقول عبدالملك: “ أحمل القائمين على المحطات الفضائية والبرامج الرياضية مسؤولية هذا الخطأ الفادح، فهم يساهمون في تدمير لغتنا العربية، في الوقت الذي أدخلت فيه اللغة العربية ضمن اللغات المعتمدة في الأمم المتحدة”.
جدير بالذكر أن عدة مفردات عامية ظهرت مؤخراً في عدد من البرامج الرياضية ولم تكن واضحة أو مفهومة للمتلقي، تبعها تعليقات واستفسارات في مواقع التواصل الاجتماعي، وكان هذا مثار امتعاض البعض، وتهكم البعض الآخر.