برامج لحل مشاكل الكرة الإماراتية المزمنة في العربية والـMBC
قراءة ـ خالد الشايع
فتحت خسارة المنتخب السعودي الأول لكرة القدم المبكرة لفرصة التأهل لنهائيات كأس العالم 2014 باباً واسعاً للنقاش والتحليل، وحتى كيل الاتهامات في مختلف الاتجاهات، معتبرين أن ما حدث في ملبورن هو نهاية الرياضة السعودية.. وتم الربط بين تأهل المنتخـــب اللبناني للمرحلة الحاســمة وخروج المنتخــب السعودي، ليصــور الأمر على أنه تراجع خطير في مستوى الكرة السعودية مقابل تقدم لبناني في وقت كانت منتخبات: الإمارات، الكويت، هي الأحق بهذا الربط، كون المنتخب اللبناني تأهل للمرحلة الحاسمة على حسابهما.. وبكل بساطة لم يلعب المنتخب السعودي أمام لبنان لكي نختبر من تراجع ومن تطور.. الغريب العجيب أنه انضم للأصوات المحلية أصوات إعلامية إماراتية فضلت تناسي ما حدث لمنتخب بلادها الأبيض الذي ودع المنافسة في التصفيات من الجولة الرابعة، ولم يخرج منها إلا بفوز يتيم كان لأداء الواجب لا أكثر، حيث تفننت في تحيل وقراءة ما حدث للكرة السعودية وقدمت النصائح والمواعظ لتدارك الوضع.. وكل ما شاهدناه وقرأناه المديح بعد الفوز الهزيل على لبنان في مباراة لا تسمن ولا تغني من جوع، مهللين لعودة مستوى الأبيض الحقيقي.. وكأنهم نسوا أن الأبيض تجرع خمس هزائم متتالية، وتذكروا أن الأخضر خسر من أستراليا ولم يتأهل للمرحلة الحاسمة للمرة الأولى منذ 1986.. ولم تظهر جراءتهم إلا على المنتخب السعودي.
تناسٍ مقصود
قد يكون من المقبول أن يتم ملء كل ساعات البث للقنوات الرياضية المحلية بمحاولة البحث عما حدث للمنتخب السعودية المتوج بإنجازات غير مسبوقة كالفوز بكأس آسيا ثلاث مرات ومثلها في الوصافة وبكأس الخليج ثلاث مرات، والتأهل لكأس العالم أربع مرات والتأهل للأولمبياد ثلاث مرات.. ولكن من غير المفهوم لماذا تشغل القنوات الإماراتية والقطرية نفسها بالمنتخب السعودي وتتجاهل منتخبات بلادها وهي ليست أحسن حالاً..؟.
من غير المقبول تدخل قنوات رياضية إماراتية في الحدث، وتفرد عضلاتها على خسارة المنتخب السعودي مستغلة بعض (الإمعات) الذين دأبوا في الظهور في برامجهم كمحليين خاصين، مقابل عشرات الآلاف من الدراهم شهرياً وتتناسى ما حدث للأبيض الذي لا يملك في الأساس سوى فوز يتيم بكأس الخليج وتأهل وحيد لكأس العالم وووو... إلخ لا شيء آخر.. وكأن المنتخب الإماراتي كان الحصان الأسود للتصفيات، وليس الفريق الذي خسر خمس مباريات من أصل ست لعبها في التصفيات.. وإذا كانوا قد استغلوا هامش الحرية الكبير الذي يحظى به الإعلام الرياضي السعودي، وفضلوا الخوض فيما حدث للمنتخب السعودي في ملبورن غاضين الطرف عما حدث للأبيض الإماراتي في أبوظبي وسيئول والكويت وبيروت، لأنهم لا يملكون هذا الهامش، فهذا لا يبرر تركهم تصحيح وضع المنتخب الإماراتي ذي الإنجازات الضعيفة، الذي لم يحقق إنجازاً يحفظ للكرة الإماراتية وجودها على الخريطة العالمية.. لأن المنتخب السعودي حتى لو تراجع مستواه فهو سيظل في الصورة.
عدوى النقد
وكان من الواجب لمحطات تلفزيونية تبث من مدينة دبي للإعلام أن تهتم بمعالجة هذا السقوط الكروي المستمر، والذي لا يتوازى مع التنمية العمرانية المطردة في الإمارات وأن يحاولوا تخليص القنوات الإماراتية من إحجامها عن نقد الكرة الإماراتية، وما عجزت عن تحقيقه حتى يومنا هذا، برغم الصرف الباذخ عليها ولنجومها وإعلامييها، وربما كان أقل من الواجب أن تبادر قناة العربية أو الـMBC لتقديم برامج خاصة عن كرة القدم الإماراتية مشاكلها وهمومها خيباتها وانكساراتها من باب التصحيح، طالما أن قنوات الإمارات الرياضية متفرغة لحل مشاكل غيرها.
وإن كنا لا نود لها أن تختار (إمعات) يسيئون أو يهاجمون الشخصيات الاجتماعيــة أو المسؤولة أو حتى اللاعبين والأندية كما هو حال برامج القنوات الإماراتية مع غيرهم، ولكن باختيار أصحاب الرأي المتعقل والنير الذي يخدم الهدف.. حتى القنوات القطرية فضلت أن تنتقد الكرة السعودية وإخفاقها في التأهل للتصفيات الحاسمة والتي كان المنتخب القطري على بعد ثلاث دقائق فقط من التعرض له.
الكرة السعودية مرة أخرى
وتبدو الكرة الإماراتية بحاجة ماسة لمن يذكرها بأخطائها التي تتراكم على مر السنين.. طالما أن الإعلام الإماراتي فضل الصمت وتجاهل دوره الحقيقي في محاولة كشف الأخطاء وفضل بدلاً من ذلك تسليط الضوء على الكرة السعودية.. وربما لم تجد البرامج الإماراتية من هو على استعداد لمواكبة ما يريده القائمون عليها من نقد وتجريح وإسقاط وكيل للاتهامات، كما وجد برنامج رباعية الوفاء .. حينها يمكنه أن يسلط في يوم ما جزءاً من حلقته المقبلة عن الأبيض الإماراتي أو الأزرق الكويتي.. فكلاهما أيضا لن يتواجد في البرازيل بعد أربعة أعوام.
تراجع واضح
لا أحد يقول إن المنتخب السعودي فوق النقد أو أن الرياضة السعودية تعيش في أفضل حالاتها.. فالمنتخب السعودي منذ خمس سنوات وهو يعاني من مشاكل حقيقة كلفته خسارة التأهل لكأس العالم مرتين.. ولكن الطريقة التي تم التعامل فيها مع الحدث لم تكن مثالية وهي لا تحقق النجاح في علاج الخلل.. بل كانت تشاؤمية لدرجة تهدد بنسف كل شيء بدءاً من المنظومة الرياضية وانتهاءً باللاعبين.
وحتى مع فداحة ما حــدث، فالكرة السعودية ليست في أزمة، فمنتخب الشباب قدم مستويات مثالية في كأس العالم الأخيرة تحت قيادة المدرب الوطني خالد القروني.. والمنتخب الأولمبي لو لعب بلاعبيه الذين اختارهم المدرب ولم يسحبهم منه الهولندي فرانك ريكارد لكان على الأرجح حاضراً في لندن هذا الصيف.
كل ما تحتاجه الكرة السعودية هي نظرة واقعية وتصحيح الخلل.. فآخر إنجاز سعودي كان الفوز بوصافة آسيا عام 2007.. وهو ليس ببعيد.
ولكن قبل كل شيء على الأشقاء في الإمارات وقطر ومن خلال أعلامهم الفضائي الاهتمام بمنتخبات بلادهما وترك شأن الكرة السعودية لأهلها.. فنحن لسنا بحاجة لمن يؤجج الشارع الرياضي أكثر عبر برامج كل همها كســـب المشاهدين حتى ولو تجاوزت المهنيــة الإعلامية.. واستغـلت أصوات انساقت مع الحدث دون أن تفكر في عواقب ما قد يحدث.. فالأصوات الغاضبة والمتشنجة القادمة من خارج الحدود ليست الطريقة المثالية للعلاج.