اللغز الكبير
جدة ـ عبدالغني الشريف
أدخلت الخسارة القاسية التي مني بها الفريق الأول لكرة القدم بالنادي الأهلي برباعية أمام الهلال في الجولة الثالثة عشرة لدوري زين للمحترفين الفريق الأهلاوي في وضع متأزم، فالخسارة هي الثالثة للفريق في دوري زين بعد خسارتيه أمام نجران والتعاون وهي أيضا الخسارة الثالثة على التوالي بعد الخسارة أمام أولسان الكوري الجنوبي في نهائي أبطال آسيا والتعاون في زين.
ولم يكن أكثر المتشائمين من محبي الأهلي يتوقعون مثل هذه الخسارة الكبيرة، ولكن على واقع أرض الملعب كان لاعبو الأهلي بمثابة المتفرجين أمام روعة أداء لاعبي الهلال، وظهروا كأشباح لاحول لهم ولا قوة، وافتقدوا الروح القتالية واللعب الجماعي، وظهر الذين تعلق عليهم جماهير الأهلي آمالها متفرجين في الملعب دون أي تحرك، أما مدرب الأهلي جاروليم فساهم بأخطائه فـــي تشتيت الأداء، فلعب في الشوط الأول بطريقـــة 4ـ5ـ1 وفـــي الشوط الثاني بطريقة 4ـ4ـ2 ومابين التغييرين لم يتغير شيء.
أمر محير
ما يحدث للأهلي الآن، بالتأكيد أمر محير، فالفريق الذي وصل إلى نهائي دوري أبطال آسيا كان في وضع فني مميز، ولكن بعد الخسارة أمام أولسان فقد لاعبو الأهلي الروح والقتالية، وجاءت مباراتا التعاون والهلال لتؤكد فقدان الروح والقتالية التي كان يتميز بها لاعبو الأهلي، والغريب إن فقد الروح وظهور اللاعبين بهذا الأداء ليس له ما يبرره في ظل توفر كل الإمكانيات المالية للاعبين وحصولهم على حقوقهم أولا بأول.
عجز أهلاوي
وبالعودة لمباراة الهلال، فقد خسر الفريق بسبب أخطاء عديدة، منها طريقة اللعب الدفاعية المبالغ فيها التي انتهجها المدرب جاروليم من البداية، ورغم التقدم بهدف معتز الموسى إلا أن الهلال كان الأفضل والأكثر سيطرة وهجوما، وفي الشوط الثاني سجل الهلال هدفين في وقت قصير بأخطاء دفاع الأهلي ووسطه.
وحتى مع تقدم الهلال كان الوضع مختلفا، حيث كان من المفترض أن يبحث الأهلي عن التعديل، ولكن بدلا من ذلك كان الهلال هو المسيطر والأكثر هجوما، وعجز الأهلي عن تنظيم هجمة واحدة للوصول إلى مرمى خالد شراحيلي، واختفى فيكتور، وظل تيسير الجاسم يلعب بجسمه داخل الملعب دون أي حضور يذكر.
مسعد والمر
واستمرت الأخطاء الأهلاوية، فالجهة اليمنى كانت مسرحا مفتوحا لهجوم الهلال الذي سجل عن طريقها مرتين أو ثلاث، وحتى إشراك محمد مسعد من البداية لم يكن له ما يبرره، فالمسعد غائب عن اللعب أكثر من شهرين ولم يقدم شيئا، وكذلك كامل المر لم يقدم الواجب الدفاعي بشكل جيد، وهو ماتسبب في هدفين من الجهة اليمنى، ووقف منصور الحربي الذي كان الجميع يعول عليه الكثير متفرجا بدون أي جهد يذكر، فيما كان الثنائي بالمينو وعقيل بالغيث الأبرز في الأداء وتحمل المسؤولية.
افتقاد التفاهم
أما الحارس ياسر المسيليم فرغم عدم تحمله مسؤولية الأهداف بشكل مباشر إلا أنه لم يكن في حضوره المعروف عنه وافتقد لغة التفاهم مع لاعبي الدفاع، وفي الوسط كان الوضع مزريا، فالجاسم خارج الخدمة مؤقتا وهذا ليس وليد مباراة الهلال بل في المباريات الأخيرة، ولم يكن هو تيسير الجاسم الذي عرفه الجميع من الموسم الماضي، وفيما بذل معتز الموسى جهدا جيدا وكان أفضل السيئين.
لعب فردي
لـــم يظهر الشاب مصطفـــى بصاص بأدائــــه القوي، وتأثر بتراجع أداء زملائه، فيما اجتهد الجيزاوي، ولكنه اجتهد بلعب فردي لايسمن ولا يغني من جوع، لأن كرة القدم تحتاج إلى عمل جماعي.
أما فيكتور فظل متفرجا طوال المباراة وربما لايلام، وحتى بعد دخول الحوسني ظل الأمر كما هو لأن الفريق افتقد لمن يسلم الكرة للمهاجمين في ظل غياب لاعب الوسط صانع اللعب، وهو ماجعل فيكتور والحوسني يعودان للوسط وبالتالي ضاعت خطورة هجوم الأهلي وقوته.
تشكيل غريب
التشكيل الغريب الذي لعب به المدرب جاروليم يجعله تحت المسؤولية عن جزء كبير من الخسارة، فمشاركة مسعد الغائب وترك وليد باخشوين في البدلاء وطريقة اللعب، سلمت الفوز للهلاليين بسهولة، فضلا عن عدم ثباث المدرب على تشكيل من ثلاث مباريات متتالية وهو ما جعل الانسجام مفقوداً بين اللاعبين.
فرصة أخيرة
ستكون مباراتا (الإتيان) الاتفاق والاتحاد بمثابة الفرصة الأخيرة للاعبي الأهلي إذا أرادوا البقاء في دائرة المنافسة وإنهاء مسألة الخسائر المتتالية، ومباراة الاتفاق هي الاختبار الأصعب للاعبين لأنها ستعيد لهم الثقة ولجماهيرهم في حالة الفوز قبل مواجهة الديربي أمام الاتحاد، ولاشك أن ما حدث في مباريات أولسان والتعاون والهلال يتحمله اللاعبون بدرجة كبيرة، لأن ما يقدمونه الآن لاعلاقة له بما قدموه في الموسم الماضي، وعليهم أن يجلسوا مع أنفسهم جلسة مصارحة ليعرفوا سبب هذا التراجع، خاصة أن كل متطلبات اللاعبين متوفرة لهم ماديا ومعنويا وبزيادة، والاهتمام الجماهيري والشرفي بهم كبير، وحتى مع خسارة الفريق نهائي آسيا استقبلهم الجمهور ووقف معهم، ولكن هناك لغزاً محيرا لا يكشفه إلا اللاعبون أنفسهم.
الجمهور لايرحم
الخسارة أمام الاتفاق والاتحاد لو حدتث فإن جمهور الأهلي بالتأكيد لن يرحم اللاعبين، ولا شك أن النجوم أو الأسماء التي يعول عليها الأهلي خاصة فيكتور والحوسني وتيسير الجاسم ومنصور الحربي مطالبة بإعادة حساباتها من جديد، وعليها أن تكون أكثر حضورا لأن الأهلي (لم يقصر معهم)، ولابد أن يردوا ذلك بالعطاء والقتالية. وعودة مستوى هؤلاء النجوم مع زملائهم كفيلة بتجاوز الوضع المتراجع الآن للفريق، فالدوري موجود في الملعب بشرط القتالية واللعب من أجل الشعار والفوز، وهو ما سيعود بالفريق إلى مستواه المعروف، كما أن تصريحات اللاعبين خاصة تيسير الجاسم بعد مباراة الهلال وانتقاده لطريقة اللعب لا تعني أن اللاعبين غير راضين عن المدرب جاروليم، بالعكس ربما كان ذلك التعبير من أجل الصالح العام، خاصة أن تيسير حتى الآن يلعب في الجهة اليسرى وهي غير مركزه الأساسي.
تعديل الأخطاء
رغم مطالبات بعض الجماهير بإبعاد المدرب جاروليم بسبب أخطائه، إلا أن فئة كبيرة من جماهير الأهلي كانت ضد هذا التفكير، وطالبت باستمرار جاروليم ومحاسبته بقوة على الأخطاء التي وقع فيها خاصة في المباريات الثلاث أمام أولسان والتعاون والهلال، فالمدرب جاروليم لعب في كل مباراة بطريقة جديدة وبتشكيل جديد أيضا، ولم يكن هناك استقرار في العناصر حتى لو كان هناك إرهاق للاعبين من السفر كان يمكن أن يكون التغيير محدودا، وأيضا لم تكن تغييرات المدرب جاروليم إيجابية في كثير من المباريات، فهو لا يغير إلا في وقت متأخر من المباراة رغم أنه يشاهد الأخطاء تحدث مبكرا أمام عينيه، ولابد أن يعيد جاروليم حساباته، وربما أن الشكوى الأهم الآن هي من زيادة الأحمال التدريبية بعد تغيير مدرب اللياقة السابق، فالمدرب الجديد تسبب في زيادة إصابة اللاعبين، وكان يمكن الاستفادة من التونسي فراس بالي المتخصص في الإعداد اللياقي بدلا من المدرب الحالي الذي تسبب في إرهاق اللاعبين وزيادة الإصابات، وأيضا الجهاز الطبي كانت عليه علامات استفهام عديدة في تأخر علاج اللاعبين.
عدم التشخيص
لعل مشكلة اللاعب ياسر الفهمي وعدم تشخيص إصابته بشكل جيد تسببت في حرمان الفريق من خدماته فترة طويلة، وهو الآن يسافر إلى ألمانيا لإجراء عملية جراحية، ولاشك أن تواجد جهاز طبي جيد وأيضا جهاز فني مساعد للمدرب من أهم العوامل التي تساعد على النجاح، وهنا لابد لإدارة الكرة مساءلة المدرب جاروليم عن الأخطاء المتكررة بدلا من البقاء كمتفرج أو الخروج في الإعلام لتبرير الأخطاء، فالجميع يتفق على ما قدمه جاروليم من عمل كبير، ولكن أيضا الأخطاء تحتاج إلى تدخل قبل أن تزداد ومنها مشكلة تداخل أدوار لاعبي المحور التي أصبحت واضحة، وحتى لاعب المحور يحيى حكمي أبعده جاروليم من حساباته رغم الحاجة إليه في بعض المباريات.
مشكلة كبرى
لا يمكن أن يغفل الأهلاويون عن مشكلة عدم نجاح الأرجنتيني موراليس، ولعل إبعاده نهائيا عن مباراة الهلال دليل على عـدم اقتناع المدرب جاروليم بجـــــــدوى استمراره، فهو لم يقــدم أي جديد ولم يكن أفضل من أي لاعب محلي، وبالتالي أصبح البحث عن لاعب آخر في فترة الانتقالات الشتوية أمرا مهما بعدما ظهر الفارق عما كان يقوم به كماتشو في الموسم الماضي كلاعب صانع ألعاب وصاحب خبرة في التحكم في رتم اللعب وتوزيع جهد الفريق.. وهو ما يحتاجه الأهلي الآن، وعلى مسيري النادي من الآن البحث عن البديل قبل بداية الفترة الشتوية وحتى لايكون الاختيار متأخرا كما حدث مع موراليس، وأيضا لابد للمدرب جاروليم أن يمنح الفرصة لصناع اللعب المحليين أمثال محسن العيسى وأحمد درويش وسلطان السوادي بالمشاركة بشرط وضعهم في المكان الصحيح والبحث عن صانع لعب محلي على غرار يحيى الشهري.
التدخل الإداري
يبقى الآن دور إدارة النادي وأعضاء الشرف في التدخل لمعرفة ما يحدث وأسباب تراجع أداء اللاعبين، ولا شك أن تواجد رئيس أعضاء الشرف الأمير خالد بن عبدالله مهم للتحدث مع اللاعبين بصراحة، وكذلك رئيس النادي الأمير فهد بن خالد، وهو مطالب أيضا أن يكون أكثر تحدثا مع اللاعبين ومعرفة أسباب تراجع مستوياتهم ومحاسبة المقصـــرين منهم، فالإدارة وفرت كل شيء للاعبين ولابد أيضا أن تجتمع الإدارة مع المدرب جاروليم ومناقشته في الأخطاء التي حدثث في المباريات الماضية ومعرفة أسباب انخفاض أداء اللاعبين وتراجع الجانب اللياقي وكثرة الإصابات والتأخر في العلاج.
تجهيز الثلاثي
قبل مواجهة الاتفاق ينتظر أن يعمد الجهاز الفني إلى إجراء بعض التعديلات على قائمة الفريق خاصة في الوسط، بإدخال محسن العيسى كصانع لعب أو الاستعانة بأحمد درويش كلاعب مميز في الوسط وصانع لعب، لأن الفريق كان يلعب أغلب المباريات بلاعبين محاور دون وجود صانع لعب حقيقي، ولاشك أن عودة المدافع كامل الموسى ستكون دعما لخط الدفاع بعد جاهزيته الطبية والفنية واللياقية، ولابد من الاعتماد على بعض لاعبي الفريق الأولمبي، خاصة الظهير الأيمن سعيد المولد وإتاحة الفرصة له للمشاركة.