شكراً دراجي
في حوار سابق.. أكد المعلق التلفزيوني حفيظ دراجي، تقديره لما يحيطه به الناس من عشق وأمانة ومسؤولية، معتبراً إياه دافعاً دائماً للمضي قدماً في عمله، قائلاً إن من الحري بالمعلق أن يكون تلقائياً، وأن يتجاوب بعفوية مع كل المباريات واللقطات، ويكون حاضرا على كافة الأصعدة.. ونقول: مؤكد أن روشتة دراجي حول التلقائية والتعاطي بعفوية مع وظيفة التعليق الرياضي.. تقدم وصفة سحرية لمشاكل بعض المعلقين الذين أدمنوا التصنع والتقليد وأصابوا المشاهد المغلوب على أمره ومشاهدته بالملل.
والملل.. كما هو معروف وسيلة التحول نحو قنوات أخرى.. ويجعل من الريموت كونترول.. الصديق الدائم للمشاهدين الأحرار في أذواقهم.. فالكثير من المعلقين في الساحة العربية.. يسعون لتغطية عيوب نقص القدرات بالكثير من الضجيج.. وسيلتهم في البقاء على "قيد" الشاشة "تقييد " الجمهور بمخاطبة غرائز الانتماء وإثارة مشاعر التعصب أكثر من التعليق على الكرة، وتحليل ما تمر به المباريات من دقائق وحقائق و"مطبات" .. وبالتالي تقديم خدمة تنوير المشاهدين بدلاً عن الإطراء على المسؤولين.
التعليق الرياضي ليس مهنة لمن لا مهنة له.. فهو أحد أرقى أنواع الفنون المرتبطة بالكرة.. كما أنه علم دراسة التفاصيل المهمة والوقوف على كل صغيرة وكبيرة تتعلق بأطراف المقابلة الكروية.. والمعلق الذي يحترم جمهوره يبحث عن كل ما يتعلق به.. يدرس ذوقه وثقافته وقواعد تشكيل مزاجه.. كذلك يقف عند أدواته ومفرداته في توصيل عشقه.. ويرصد حركة التواصل مع معشوقه داخل الملعب بالدعم والمؤازرة.. لينجح من بعد في توظيف كل هذه العناصر لمصلحة تعليقه على المباراة.
من لا يبذلون مثل ذلك الجهد من المعلقين.. ويفضلون عليه الاستيلاء على عبارات الآخرين.. يجعلون من أنفسهم أضحوكة.. ويصبحون مصدراً للتندر والسخرية.. الشاهد أن "الأصل" لم ولن يكون يوماً كـ"التايواني".. ولهذا يبقى دراجي وأمثاله مداً تاريخياً وامتداداً طبيعياً لمسيرة كثير من عمالقة التعليق العربي.. شكراً دراجي.. لعل البقية تأتي.