بعد أكثر من نصف قرن قضاها في خدمة الشباب والرياضة الدكتور صالح بن ناصر يقلب الأوراق ويفتح الملفات لـ الرياضية
بعد نصف قرن من العمل المشرف في صناعة الشباب والرياضة وخدمة الوطن قولاً وعملاً وسيرة مليئة بالمنجزات التي نقف لها اليوم جميعاً احتراما وتقديراً لها قدمها الدكتور صالح بن أحمد بن ناصر الذي كان ولايزال يعمل بحس المسؤولية دون كلل أو ملل حيث تعجز الكلمات اليوم في وصف ذلك التاريخ وذاك العمل وما قدمه لوطنه.
الدكتور صالح بن ناصر الذي بدأ عام 64م مديراً لإدارة الشباب بوزارة الداخلية كأول مسؤول عن إدارة الشباب والتي أصبحت فيما بعد الرئاسة العامة لرعاية الشباب يحل اليوم ضيفاً على صفحات "الرياضية" في حوار تجاوز الثلاث ساعات لم يقل فيه كل شيء ولم نستطع أن نأخذ منه الكثير في ظل تاريخ امتد لخمسين عاماً من العمل واكب خلالها كل التطورات، وكان ركناً في بناء منظومة الشباب والرياضة وعاملاً من عوامل النجاح، فمزجنا في هذا الحوار ما بين الماضي والحاضر وفتحنا معه ملفات مختلفة وقلبنا الأوراق.
الحوار مع الدكتور صالح بن ناصر كان ممتعاً وهو الذي عرف بعفويته وصراحته وصدقة وتواضعه وعلمه بتفاصيل الأمور وحكمته في التعامل مع الأحداث والقضايا المختلفة والذي جعل منه سفيراً فوق العادة في العديد من المهمات الوطنية، انطلقنا معه للحديث عن بدايات رعاية الشباب وكيف كانت وماذا أصبحت، وأبحرنا معه في تاريخ العمل مع الشخصيات الرياضية المختلفة محلياً وعربياً ودولياً، وتطرقنا من خلال هذا الحوار لبعض الملفات التي كانت نقطة تحول للرياضة السعودية من بناء الملاعب وكتابة الأنظمة واللوائح والدور الكبير الذي لعبته السعودية في صناعة الرياضة محلياً وعربياً ودولياً وكيف كانت دولة لا تملك العضوية في الأولمبية الآسيوية حتى أصبحنا نلعب دوراً في تنصيب رؤساء الاتحادات الدولية والقارية.
في هذا الحوار الذي ينشر على أربع حلقات تتنوع ما بين الماضي والحاضر في قضايا عدة بدءاً من (الجزء الأول) اليوم والذي تحدث فيه الدكتور صالح بن ناصر عن بدايات رعاية الشباب التي بدأت من وزارة الداخلية بسبعة موظفين ثم انتقلت لوزارة المعارف وبعدها لوزارة الشؤون الاجتماعية حتى أصبحت الرئاسة العامة لرعاية الشباب، وأيضاً عن بدايات إنشاء الملاعب السعودية وتسجيل السعودية لأول مرة في المجلس الأولمبي الآسيوي.
كما تطرق الدكتور صالح بن ناصر في هذا الجزء للراحل الأمير فيصل بن فهد ـ رحمه الله ـ وكيف ساهم وعمل في تنصيب رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم جوزيف بلاتر، وقصة استضافة كأس العالم للشباب وما واكبها من عقبات كادت تنسف استضافة تلك البطولة وغيرها من الأحداث في حواره التالي مع “الرياضية” الذي جاء على النحو التالي:
ـ في البداية دعني أسأل .. بعد قرابة نصف قرن كيف ترى الحركة الرياضية والشبابية وكيف تنظر لهذا التاريخ وتتأمله؟
لقد بدأت قبل 45 سنة كمدير في إدارة رعاية الشباب في العام 1963م وكانت بداية بسيطة وكانت إدارة رعاية الشباب تابعة لوزارة الداخلية وعبارة عن كرة قدم فقط ثم انتقلت إلى وزارة المعارف وتوسع نشاطها وعندما أنشئت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية قررت الدولة أن تنتقل مسؤولية رعاية الشباب إلى وزارة العمل والشؤون الاجتماعية وأتذكر أننا كنا سبعة موظفين فقط.. أنا و6 زملاء هذه كانت كل إدارة رعاية الشباب في ذلك الوقت وهذه هي بدايتها.
ـ وأنت الرئيس؟
نعم كنت أنا الرئيس واستمرينا 4 سنوات وفي ذلك الوقت كان فيه مجموعة كبيرة من اللوائح التي أعددناها للمسابقات الرئيسية.. بالذات مسابقات الألعاب الجماعية والأمير نواف (الله يجزيه بالخير) فاجأني بكلمته التي ألقاها بحفل التكريم الذي أقاموه لي أهالي مكة.. والتي قال فيها هذا الكلام.. قال: بدأوا بسبعة موظفين هو ومعاه ستة أشخاص وهم من عملوا.. ومع ذلك بعض اللوائح ما زالت هي الأساس الذي نستخدمه حتى الآن.
ـ هل استمريتم طويلاً بهذا الشكل؟
أصبح هناك تطور فيما بعد، ولعلي أمضيت 3 سنوات ونصف إلى 4 سنوات في ذلك الحين ثم ابتعثت للولايات المتحدة للدراسات العليا. وخلال فترة دراستي تم تعيين الأمير خالد الفيصل مديرا عاما لرعاية الشباب في وزارة الشؤون الاجتماعية.
ـ عين الأمير خالد وأنت في أمريكا؟
نعم وأنا في أمريكا.. وللأسف لم يكن لي الشرف بأن أعمل مع الأمير خالد الفيصل خاصة أنه بعد سفري تولى المهمة الشيخ عبد العزيز الثنيان (رحمة الله عليه) وكان مساعد مدير عام الشؤون الادارية في الوزارة إلى أن تم تعيين الأمير خالد الفيصل مديرا لها.. ومن ثم كان في ذلك الوقت عندنا مشروع الملعبين.. ملعب الملز، وملعب جدة الذي سمي فيما بعد بملعب الأمير عبد الله الفيصل.. وملعب الملز سمي بملعب الأمير فيصل بن فهد. بدأنا المشروع باتصال عندما حضرت عام 1964 الدورة الأولمبية في طوكيو.. وطبعاً لها شيء مهم أنا أعتز به.. حيث قمنا بتسجيل اللجنة الأولمبية السعودية في ذلك الوقت في اجتماعات اللجنة الأولمبية الدولية عام 64 ميلادي أثناء الدورة الأولمبية التي أقامتها اليابان وواجهنا حينها معارضة من دولتين أو من مندوبين للجنتين أولمبيتين ولكن الحمد لله وفقنا بأن حصلنا على صوت 63 أو 64 عضوا تقريباً ما عدا صوتين عارضا وأصرا وتحفظا لكن الباقين 61 صوتا صوتوا لصالحنا، وفي هذا الوقت أيضاً كان الشيخ محمد عبد الرحمن أبا الخيل وزيراً للعمل والشؤون الاجتماعية وأرسل لي وقبل السفر بلغني وطلب مني التنسيق عن طريق السفارة لمعرفة الجهات التي شيدت الملاعب الجديدة في اليابان وقامت بتصميمها وهل ممكن نستفيد من خبراتهم في موضوع الملعبين اللذين نسعى لإنشائهما في الرياض وجدة.. وفعلا وعن طريق الإخوان في السفارة استطعت الوصول إلى المصمم الذي قام بتصميم معظم الملاعب بالذات كرة القدم والملاعب الأخرى الرئيسية للدورة الأولمبية وهو ياباني وعندما عدت من اليابان حضرت لبعثتين للخارج ليتعرفا على الإجراءات حتى تتم المنشآت الكبيرة بهذا الحجم أخذت فترة طويلة إلى أن تولى الأمير خالد الفيصل وتم إنشاء الملعبين في عهده.. وهذه تحسب للأمير خالد الفيصل خاصة أننا في ذلك الوقت لم يكن لدينا ملاعب كبيرة وكان ملعب الصبان في جدة وملعب الصائغ في الرياض هي الملاعب الرئيسية في البلاد.
ودعني أقول هنا إن من عمل معي في تلك الفترة في الحقيقة هم من صفوة الرجال وخيرة الرجال وكنا نتعاون مع بعض كأسرة واحدة حيث كان لنا غرفتان أو 3 غرف فقط التي نعمل من خلالها في وزارة الشؤون الاجتماعية منهم من مازال موجوداً ونسأل الله له طول العمر والصحة والعافية مثل الأخ إبراهيم العلي وعبد الرحمن العليل، ومنهم من مات ونسأل الله لهم العفو والمغفرة. ولعل تلك الفترة أستطيع تسميتها فترة استكشاف وصدقني وجود الملاعب كان بالنسبة لنا خيالا نسعى لتحقيقه ونتمناه بل تنظيم العمل الرياضي واستضافة دورات كان حلماً كبيرا جداً فالمملكة كبيرة وواسعة وتنظيم الرياضة يؤدي إلى تحقيق ما يأمله الشباب وما تأمله الدولة لأبنائها لكن هذه كانت البداية فيما بعد لما عين الأمير خالد الفيصل أميرا لمنطقة عسير.. وعين الأمير فيصل بن فهد (رحمة الله عليه) مديرا لرعاية الشباب.. هنا تبدأ أيضاً مرحلة كبيرة ومرحلة لها تأثير كبير على ما نفذ من مشاريع في تلك الفترة.
ـ نحن نعرف والتاريخ يقول إن الأمير فيصل بن فهد كان حجر زاوية رئيسية ليس للرياضة السعودية فقط بل كان قائدا رياضيا دوليا قدم ما لم يقدمه أحد ولكن نحن نسمع بين حين وآخر كلمة (لو كان فيصل موجوداً) فهل لو كان الأمير فيصل بن فهد موجودا الآن في ظل هذه المتغيرات هل كنا سنشاهد غير ما نشاهده الآن، هل كنا سنشاهد نفوذا سعوديا قويا كما كان سابقاً وهل سيستمر الثقل كما كان؟
يقال أحيانا شهادة بعض الناس في آخرين تكون مجروحة.. لكن أنا أقول حقيقةً الرجل كان أكثر من رائع.. وأكثر من ذكي وأكثر من واع وأكثر من مدرك لما يريده لأبناء السعودية، وكان يجد الدعم المبني على قناعة تامة من قبل الجهات العليا بأسلوبه في الطرح ومناقشاته للأمور بجدية تامة.. وكان سبحان الله ربنا أعطى له شخصية مهمة الكل يحترمها في ذلك الوقت.. لقد تشرفت بالعمل مع الأمير فيصل حوالي 25 سنة.. وسعدت بأشياء كثيرة في أسلوبه في العمل.. جديته في العمل.. والبعض كان يعتقد أنه كان شخصية صارمة.. أبداً لم يكن كذلك.. كان عنده قلب لم أجد أحن من ذلك القلب خصوصاً لما يعرف على حالات معينة.. تحتاج إلى أي نوع من المساعدة، فقلبه رحيم وشخصيته رائعة جداً. فالأمير فيصل فعلاً هو النقلة الرئيسية لرعاية الشباب ومعاصرتي معاه لمدة 25 سنة ومحبتي له وهو كان يبادلني نفس المشاعر بشكل جميل جداً لا أنساه أبداً.. أنا أتوقع لو كان موجودا في الوقت الحاضر أيضاً كان يمكن خطونا خطوات كبيرة جداً في هذا المجال.. مع أن الأمير سلطان (الله يجزيه بالخير) والأمير نواف بذلوا جهدا وحاولوا أن يصلوا برعاية الشباب إلى المستوى اللي المجتمع يتطلع له.. نحن الحمد لله ربنا منعم على بلدنا بخيرات كثيرة.. وثروة الشباب اللي عندنا ليست موجودة في البلاد العربية التي من حوالينا.. وبالذات منطقة الخليج.. يعني لدينا حوالي 20 أو 22 مليون سعودي منهم ما بين 63 إلى 67% في مرحلة الشباب.. فنحن نحسد على هذا الشيء.. مو بس من الدول العربية.. حتى من الخارج.. يعتبرون أننا دولة شابة ودولة لها مستقبل كبير جداً وإن شاء الله المستقبل يكون رائعا جداً بالنسبة للمملكة لكن كان ممكن تكون هناك أشياء أكثر مما هي موجودة.
ـ عفواً دكتور دعني أقول بصدق عما يدور.. البعض يقول مثلاً (والله في زمن فيصل الله يرحمه لم تكن هناك دول تفكر في الرياضة وتعمل على الرياضة أو لديها أهداف رياضية) .. لكن في السنوات الأخيرة نجد هناك دولا حتى القريبة منا توجهها رياضي وصرفها رياضي وإمكانياتها رياضة.. تهتم بقطاعاتها بشكل كبير جداً.. وهو نفس الدور اللي كان يقوم به الأمير فيصل في تلك السنين.. في ظل المنافسة هذه كان ممكن أن ننافس؟
مقاطعاً.. ممكن جداً.. وما أقوله الآن أرجو أن تصدقني فيه كان الأمير فيصل له تأثير كبير جداً في دول مجلس التعاون.. قبل ما يصير مجلس التعاون بدول الخليج.. وله أثر في عملية تحريك الحركة الرياضية والحركة الشبابية بالمنطقة بأفكاره وكان هو دائماً فرس الرهان في عملية الاجتماعات وعندما تشكل مجلس وزراء الشباب والرياضة بالنسبة لدول مجلس التعاون واجتماعات رؤساء اللجان الأولمبية في كل تلك الاجتماعات من بداية التأسيس حتى اختاره الله إلى جواره سبحانه وتعالى.. الأمير فيصل كان له تأثير كبير جداً.. الأمير فيصل أيضاً على المستوى العالمي استطاع بشخصيته أن يخلق علاقات بما فيها علاقات مع رؤساء دول كثيرة سواء أوروبية أو عربية.. ومع اللجنة الأولمبية الدولية ورئيسها ومع الاتحادات العالمية وبالذات اتحاد كرة القدم وكانت تربطه علاقات متميزة جداً.. مع رئيس الاتحاد الدولي السابق ورئيس الاتحاد الدولي الحالي.
ـ هل ساهم الأمير فيصل بن فهد بشكل كبير في تنصيب جوزيف بلاتر؟ نسمع قصصاً كثيرة وكيف جمع الدول العربية والآسيوية؟
هو في الحقيقة.. يعني الآن ما عاد الأمر سر.. أقولها لأول مرة.. نعم.. نعم لعب دورا كبيرا جداً ولا أنسى ليلة اتصل بي (رحمة الله عليه) وقال لي صالح أريد منك تروح الليلة أو بكرة بالكثير.. تقابل هافيلانج.. وعندما نلتقي في الصباح أو تجيني الليلة أقولك ماذا يحدث.. قلت له حاضر.. قال لي جوازك جاهز.. قلت له جاهز.. كم مرة أوصيت أنه جوازي يكون جاهز في أي وقت ورحت له في ليلتها.. قال لي أريد منك أن تذهب لتقابل هافيلانج وتسأله سؤالا واحدا.. يؤيد مين لرئاسة الاتحاد الدولي.. خلفاً له لأنه خلاص قرب إنه يمشي.. بس وتجيني بالجواب.. قلت حاضر.. رحت واليوم الثاني كنت في سويسرا وفي زيوريخ التقيت بهافيلانج وطلعت في رحلة الساعة واحدة بعد الظهر إلى الرياض وجيت فيها.. وبلغته.
ـ في نفس اليوم؟
في نفس اليوم يعني قضيت ليلة واحدة وكان في رحلات يومية من زيوريخ عن طريق فرانكفورت وجيت بلغته.. أن هافيلانج يؤيد بلاتر.. وجمعني والأخ عبد الله الدبل (رحمة الله عليه) لنضع خطة وبعد التشاور مع بلاتر لعملية نجاحه في الانتخابات وبدأ اتصالاته بجميع الدول التي تربطه بها علاقات وصداقات رائعة جداً وكان هذا الشيء اللي حصل يعني.
ـ هل كان في اتصال مباشر مع جوزيف بلاتر للتنسيق المباشر؟
نعم كان هناك اتصال مباشر معه.
ـ هل هذا هو سر محبة جوزيف بلاتر للأمير فيصل؟
ليس هذا فقط من قبل ما تجي عملية الانتخابات بعدة سنوات فهم تأثروا كثيرا بشخصية الأمير فيصل وقدرته وفكره وأسلوب مناقشته وطرحه للمواضيع.. كانوا متأثرين جداً بهذا الأمر.. ونحن أيضاً تأثرنا أيضاً ودعني أخرج قليلاً من هذا الموضوع. ولكن فيما يتعلق ببلاتر ويتعلق بهافيلانج.. عندما قررنا.. وقرر الأمير فيصل أن نستضيف كأس العالم للشباب 1989 بدأنا بالاتصالات وفوجئت أنا والدكتور عبد الفتاح ناظر (رحمة الله عليه) وعبد الله الدبل الذي كان عضو اللجنة التنفيذية للاتحاد الدولي.. أن يبلغنا بلاتر بأننا مقاطعين لكوكا كولا.. وهي الراعي الرسمي للبطولة.. وقال لازم تحلوا هذه المشكلة.. وبدأنا في جولة مفاوضات واستعنا بمحامي أمريكي كان يعمل في أحد المكاتب الرئيسية السعودية القانونية.. وكان يسافر معانا.. عمله بالساعات بس رجل رائع جداً.. وكان يأتي وفد عادةً من أطلانطا لشركة كوكا كولا.. للتفاوض معنا.. كانت الاجتماعات في مقر الاتحاد الدولي وكانت مقاطعة في ذلك الوقت عربية.. بعض الدول في ذلك الوقت بدأت تحل المشكلة مع كوكا كولا تجارياً.. لكن كرعاية بطولة نحن لم نكن نريد أن نخالف اتفاق اتخذته الجامعة العربية.. والتعليمات عندنا بهذا الشكل.. فتوصلنا إلى أمر واحد وهو أنه.. دعونا نسمح للكوكاكولا أن توزع في الفنادق التي يسكن فيها الوفود وفي الملاعب فقط.. وذهبت أنا وعبد الفتاح (الله يرحمه) إلى زيورخ بعد أن اقتنع الأمير فيصل بالأمر.. وطلبنا من الاتحاد الدولي أن يستدعي نائب الرئيس والمحامين (حقينهم) من أطلانطا.. وعرضنا عليهم الموضوع.. في الأول في الحقيقة كانوا مترددين.. هم طبعا السوق السعودية كبيرة جداً.. ولديهم الرغبة في فتح هذا السوق المهم.. فكان فيه تردد وفضلوا التشاور مع المسؤولين في أطلانطا وتركنا لهم الفرصة ورجعنا المملكة.. وبعدين استطاع الأمير فيصل أن يحصل على أمر من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد (رحمة الله عليه).. بالسماح للكوكاكولا بالدخول في أثناء الدورة في كل المناطق السعودية.. حفظ حقوق الوكيل الذي تعطل سنين من المقاطعة وكان هو الوكيل الرسمي وبدأنا ندخل في مفاوضات أخرى لم تكن لنا علاقة بها لأن هذا شيء تجاري لكن كان يهمنا والتعليمات اللي بلغنا بها الأمير فيصل أن الوكيل الأساسي يجب أن يأخذ حقه ويجب أن تكون المفاوضات عن طريقنا نحن والا ما يأخذوا البطولة لذا وجدنا أنهم حريصين على رجوعهم للسوق السعودية وطلب رئيس الشركة أن يقابل الأمير فيصل. كلمت الأمير فيصل (الله يرحمه) من زيورخ وقلت له رئيس الشركة يرغب في مقابلتكم فما التوجيه؟ قال لي أهلاً وسهلاً وفعلاً جاء على جدة وتم الاتفاق على كل شيء وتعويض الوكيل السابق باتفاق مكتوب ما بينهم.. ودخلت كوكاكولا.
أثناء المفاوضات صار موقف عجيب حيث كان هافيلانج داعينا إلى الغداء.. في مطعم جنب الاتحاد الدولي.. نحن دخلنا في مفاوضات ونريد أن ننهي في ذلك اليوم الموضوع.. ولا نريد قطع الاجتماع لكي لا نرجع من جديد نناقش أمورا قطعنا فيها مرحلة كبيرة.. فقال لي عبدالفتاح يا صالح اعتذر عن الغداء.. قلت له طيب.. جاءنا بلاتر وهو خارج قال يا جماعة الساعة الآن واحدة وربع وهافيلانج ينتظركم على الغداء.. قلت له والله عندنا اقتراح.. أرسلوا لنا غداءنا هنا لو المطعم قريب ولو سندوتشات.. لأننا في مرحلة نريد معها أن ننهي الموضوع اليوم.. بلاتر قال كلمة لم أسمعها من قبل عندما قال "لم يأتنا وفد حريص بالشكل هذا على الأمر اللي هم مكلفين به".. أنا أروح أبلغ هافيلانج وسوف أرسل لكم الأكل هنا.. وبالفعل جاءتنا صينية على طاولة الاجتماعات.. حتى أن جماعة أطلانطا وفد كوكا كولا فرحوا بأننا لم نقطع المفاوضات وبعدها عاد بلاتر الساعة 9 وهو سكرتير أمين عام الاتحاد ليجدنا مازلنا في ذات الاجتماع.
ـ هل كنتم تخشون من تغير المواقف قبل الاتفاق النهائي؟
جدا جدا وكانت هذه من الأمور التي لعب فيها الأمير فيصل دورا كبيرا جداً وحصل من خلالها على تقدير دولي في الحقيقة سواء من اللجنة الأولمبية الدولية أو من الاتحادات الدولية.
ـ استضافة كأس العالم للشباب ماهي قصتها .. نحن سمعنا بأن الجمعية العمومية للاتحاد الدولي وأثناء اجتماعها لم يكن رئيس الاتحاد الدولي يرغب بدولة هي مرشحة لاستضافة كأس العالم للشباب وجوزيف بلاتر تحدث لعبد الله الدبل الذي كان بجانبه في الاجتماع.. قال له إذا أردتم التنظيم سنعمل لكم على ذلك وعبدالله الدبل خرج من الاجتماع مباشرةً وكلم الأمير فيصل وتم اتخاذ قرار سريع بعد أن تم تمديد الاجتماع ووضع محور الاستضافة في نهاية جدول الأعمال حتى يستطيع الأمير فيصل إنهاء التشاور مع المسؤولين في الدولة ?
هذه القصة فيها شيء من الصحة لأن عبد الله الدبل (رحمة الله عليه) كعضو في اللجنة التنفيذية لعب دورا كبيرا جداً والأمير فيصل كان قدرته كبيرة على إقناع القيادة العليا بشكل ظاهر جدا واتصالاته السريعة وطريقة عمله التي فيها الجدية.
ـ يقال إن الموضوع أخذ أقل من ساعتين؟
الموضوع أخذ فترة لكن القرار كان سريعاً بعد ما صار فيه قناعة تامة لدى الجهات المختصة في المملكة.. والأمير فيصل بلغنا ببدء المفاوضات وكان قرارا جيدا والحمد لله تم تنظيمها في ثلاث أو أربع مدن.
ـ لماذا البعض كان يعتقد أنه من المستحيل أن تستضيف السعودية مثل هذه البطولات؟
أولاً نحن في ذلك الوقت أظن كان عندنا ملعب واحد (ولا تسعفني الذاكرة هل ملعب الملك فهد كان موجودا أم لا) فكان ملاعب الأمير فيصل بالملز وملعب الصائغ وفي جدة ملعب رعاية الشباب وملعب المنطقة الشرقية ومدينة الملك فهد في الطائف.. هذه هي المنشآت الكبيرة في ذلك الوقت .. ولكن أعتقد الآن أصبح لدينا ملعب الملك فهد، وعندنا ملعب الملك عبد الله الذي ينشأ في جدة، وملعب الأمير محمد بن فهد في الدمام بعد التجديد اللي صار عليه، ومنشآت كثيرة ولكن أحياناً هناك ظروف أخرى تلعب دوراً من نوع آخر، ولكن ثق تماماً نحن اليوم على استعداد لاستضافة أي بطولة من أي نوع، وبإذن الله نستطيع تنظيم كأس آسيا.