.. هنا النهاية

منذ الثامن من شهر يونيو للعام 2005، والمنتخب السعودي الأول لكرة القدم لم يعد مثلما كان في السابق، زلزالاً لنصف الأرض بهيبته وجبروته، إذ أصبح قليل الحيلة أينما حلّ وارتحل، قليل العود، بل لقمة سائغة لأنداده وخصومه.
.. توقفت الأفراح السعودية والليالي الملاح بعد الثامن من يونيو للعام 2005، عندما تعالت أصوات الفرح إبتهاجًا بالتأهل إلى جانب ثلاثة منتخبات عن القارة الآسيوية إلى نهائيات كأس العالم المقررة في ألمانيا صيف عام 2006، حيث كسب "الأخضر" ضيفه منتخب أوزبكستان بثلاثية لا مقابل لها، ضمن الجولة الخامسة من منافسات المجموعة الأولى للتصفيات الآسيوية النهائية المؤهلة إلى كأس العالم، وذلك على ملعب الملك فهد الدولي في الرياض، وسط حضور ما يقارب 60 ألف متفرّجا، تواجدوا وكأنهم على معرفة بأن هذه السهرة ستحمل آخر أفراح منتخب بلادهم.
في ذلك اللقاء، وقّع القائد السابق للمنتخب السعودي سامي الجابر مرتين، على بطاقة التأهل، بزيارته مرمى الضيوف بهدفين، في حين كان للمهاجم المعتزل قبل عام سعد الحارثي شرف إضافة الهدف الثالث قبل دقائق من انتهاء "الحلقة الأخيرة" من انجازات المنتخب السعودي "القوي" حينذاك.
بعد تلك "السهرة"، اعتادت هذه الجماهير الاستيقاظ مفجوعة، بعد كل مسابقة كروية يخوض منتخبها غمار منافساتها، تارة على أنقاض هزيمة نكراء، ومرات على كابوس خروج مذل، أيًا كانت هذه المسابقة، خليجية، عربية، أو آسيوية.
تسع سنوات والسعوديون لا يعرفون داء منتخبهم حتى يداوونه، مدربين سبعة أشرفوا عليه، وثلاثة رؤساء لاتحاده الكروي، والنهاية واحدة، هي الحسرة.
113 شهرًا، و بطل آسيا أعوام 1984 في سنغافورة و1988 في قطر و1996 في أبوظبي، يبدو فاشلاً في اسعاد جماهيره، أصابهم في مقتل مرات عدّه، وأمس الأول كان المشهد الأخير، لم يصيب المحبّين في غرابه، لأنهم يدركون جيدًا أن بطل الخليج في أعوام 1994 و2002 و2003 بات يخسر نهائيات هذه البطولة، مرتين في النسخ الثلاث الماضية، وأمس الأول خسارة ثالثة جاءت كمن سبقها.
اخفاق خليجي
لأن أمس الأول كان السعوديون على موعد فصل جديد من قصة إخفاق لازم منتخب البلاد الأول لكرة القدم في بطولات كأس الخليج، وبعد الفرحة الأخيرة بالتأهل إلى مونديال ألمانيا لعام 2006 كان الظهور الأول للأخضر خليجيًا خلال البطولة الـ18 في الإمارات عام 2007، معها بدأ لا يرضي عشاقه في سطور النهاية، الاخفاق يلازمه، واعتذار المسؤول بات متكرّرًا وأمر اعتاد الشارع الرياضي عليه.
في الإمارات، بدأ الاخفاق يتمكّن من "الأخضر" بعد سنوات "الرغد" وهناك حدث الخروج على يد منتخب البلد المنظم من دور النصف نهائي، وبهدف للاشيء.
لا جديد في اليمن
الحال لم يتغيّر في البطولة الـ20 التي استضافتها اليمن نهاية العام 2010، كون الإخفاق ظل ملازمًا للأخضر، حيث خسر المواجهة النهائية أمام الكويت بهدف للا شيء، علمًا أنه كان الطرف الأفضل في المباراة ليخطف الكويتيون الهدف من هجمة مرتدة أسكن معها اللاعب وليد علي الكرة شباك الحارس عساف القرني.
آسيويتين
في بطولة كأس أمم آسيا، كان الحضور مرّتين، الأولى عبر البطولة التي جرت في دول ماليزيا وفيتنام وتايلاند وأندونيسيا صيف عام 2007، حين الوصول إلى المباراة النهائية والخسارة من العراق 1ـ0، والثانية كانت في شتاء عام 2011، حيث البطولة المنظّمة في قطر، عند الخسارة من سوريا 2ـ1، والأردن 1ـ0، واليابان 5ـ0
.
عربية واحدة
في البطولات العربية، اقتصرت المشاركة على بطولة كأس العرب صيف العام قبل الماضي، والمنظمة في محافظتي جدة والطائف، لا جديد يذكر كون الخسارة كانت في دور نصف النهائي من منتخب ليبيا وبهدفين للاشيء، لتتبعها خسارة أخرى في مباراة المركز الثالث من العراق بهدف نظيف.
التصفيات الآسيوية
على مستوى التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم، جاءت النتائج متراجعة بشكل واضح، لأن المسيرة توقفت في تصفيات مونديال جنوب إفريقيا لعام 2010 عند الملحق الآسيوي، إثر الخروج من منتخب البحرين، بعد التعادل سلبيًا في المنامة، و2ـ2 في الرياض.
أما في التصفيات المؤهلة إلى مونديال البرازيل الأخير، فإن المشوار انتهى بصورة لم يأتي بها "الأخضر" من قبل، وهو الخروج من التصفيات الأولية، بعد خسارة من أستراليا في ملبورن 4ـ2، زلزلت أركان اتحاد الكرة الذي يقف على هرمه الرئيس الأسبق الأمير نواف بن فيصل.
سبعة مدربين
منذ فرحة التأهل إلى مونديال 2006، أشرف على المنتخب السعودي 9 مدربين، جميعهم ينتهي بهم المطاف إلى "ورقة" الإقالة من المنصب، وبدء مهمة البحث عن خلف له، توكل إليه في المقام الأول مهام إصلاح أخطاء من سبقه.
باكيتا يلحق به
يقرر الاتحاد تكليف المدرب ماركوس باكيتا (برازيلي) ويوكل له مهمة تدريب المنتخب في مونديال ألمانيا، لكنه لم يستمر طولاً في منصبه، كونه أقيل بطريقه متوقعه بعد الخروج من منافسات بطولة كأس الخليج الـ18 أمام الإمارات.
الاستعانة بأنجوس
استعان اتحاد الكرة الذي يرأسه حينذاك الأمير سلطان بن فهد بالمدرب هيليو أنجوس (برازيلي) والذي بدأ المهمة في بطولة كأس الأمم الآسيوية عام 2007، وساهم في الوصول إلى المباراة النهائية، لكن الخسارة من العراق كانت حاضرة وبهدف نظيف.
أنجوس رغم محاسنه لم يستمر طويلاً، كون الاتحاد قرر الاستغناء عنه في بحر التصفيات الأولية المؤهة إلى نهائيات كأس العالم 2010، حينها أوكلت المهمة لناصر الجوهر (وطني) الذي جاء قرار إقالته هو الآخر في التصفيات النهائية المؤهلة إلى ذلك المونديال، بعد نتائج متفاوته، علمًا أنه وصل بالأخضر حينها إلى نهائي بطولة كأس الخليج الـ19 في عمان
بيسيرو المنقذ
في بداية العام 2009، توصل اتحاد الكرة إلى قناعة تامة بقدرات المدرب جوزيه بيسيرو (برتغالي)، ليتصدى لمهمة انقاذ الأخضر في التصفيات النهائية والمؤهلة إلى مونديال جنوب إفريقيا 2010، لكن بيسيرو أنهى التصفيات بخروج مرّ، وأتبع ذلك الخروج بخسارة لقب خليجي 20 أمام الكويت في اليمن، وختم هذه النتائج السلبية بخسارة في افتتاح المشوار في بطولة كأس الأمم الآسيوية للعام 2011 في قطر، وأمام منتخب سوريا 1ـ0، ليكون مصيره كمن سبقه بقرار الإقالة، ويأتي الحل والاستعانة بخدمات المدرب الذي سبقه ناصر الجوهر، الذي لم يستمر طويلاً أيضًا، إذ انتهت مهمته بنهاية المشاركة البائسة.
ريكارد ولوبيز
مع حلول صيف عام 2011، أعلن اتحاد كرة القدم الذي يديره الأمير نواف بن فيصل حينها التعاقد مع المدرب فرانك ريكارد (هولندي)، لمدة ثلاث سنوات، لم يكمل نصفها حتى جاءت إقالته ببداية العام 2013، كونه فشل في جميع الاستحقاقات التي أشرف بها على الأخضر، وهي بطولة العرب صيف 2012، والتصفيات الأولية المؤهلة إلى مونديال البرازيل 2014، إلى جانب كأس الخليج الـ21 في البحرين، هذه الإقالة أعادت "الأخضر" إلى الوراء، كونها سمّت المستشار الفني للاتحاد حينها كارو لوبيز (إسباني) مدربًا للأخضر بلا سابق إنذار، وهو الآن متهمًا بخسارة اللقب الخليجي أمس الأول، على الرغم من أنه وضع الأخضر في كأس الأمم الآسيوية بعد شهر وأيام قليلة، بعد نتائج قياسية وضعت الأخضر على هرم المجموعة بـ13 نقطة من ست لقاءات.
مر الاتحاد السعودي برؤساء عدة طيلة السنوات التسع الماضية، تحديدًا منذ الثامن من يونيو للعام 2005، وحتى أمس الأول لأنه يوم كبوة جديد وقعت لتزيد حالة اليأس في الشارع الرياضي من مردود المنتخب.
والأمير سلطان بن فهد كان رئيسًا للاتحاد منذ أكتوبر لعام 1999، وحتى الخروج المر من مسابقة كأس الأمم الآسيوية لعام 2011 والتي كانت في الدوحة.
وفي ولاية الأمير سلطان بن فهد، جاء فشل الأخضر في مسابقة دورة ألعاب غرب آسيا نهاية العام 2005، إلى جانب بطولة كأس الخليج الـ18 مطلع العام 2007 في الإمارات، وبطولة كأس الأمم الآسيوية صيف العام 2007، إلى جانب بطولة كأس الخليج الـ19 في عمان بداية العام 2009، والخروج من التصفيات المؤهلة إلى مونديال جنوب أفريقيا في سبتمبر لعام 2009، قبل خسارة نهائي بطولة كأس الخليج الـ20 في اليمن نهاية العام 2010، ومن ثم الخروج المر من كأس الأمم الآسيوية مطلع سنة2011 في الدوحة، والتي كانت عهده الأخير باتحاد الكرة.
تولى الأمير نواف بن فيصل رئاسة الاتحاد السعودي بداية العام 2011، لكنه قضى في المنصب عامًا وبضعة أسابيع ليعلن استقالته بعد الفشل في تجاوز المرحلة الأولية من التصفيات الآسيوية المؤهلة إلى نهائيات كأس العالم 2014، تحديدًا يوم الخسارة من أستراليا 4ـ2 منتصف فبراير للعام 2012، وفي رئاسة الأمير نواف، كان فشل حاضرًا فقط في التصفيات الأولية دون نجاحات أخرى على مستوى المنتخب الأول.
كلّف أحمد عيد برئاسة الاتحاد وتسيير شؤونه ضمن لجنة شكلتها الرئاسة العامة لرعاية الشباب، لتقام في نهاية العام 2012 انتخابات الجمعية العمومية، ويفوز معها أحمد عيد برئاسة الاتحاد أمام منافسه خالد المعمر، ومنذ ديسمبر لعام 2012 وأحمد عيد رئيسًا للاتحاد، وفي ولايته كان الفشل ملازمًا للأخضر في بطولة كأس العرب صيف عام 2012 بصفته رئيسًا مكلفًا، إلى جانب بطولة كأس الخليج الماضية في البحرين بصفته رئيسًا منتخبًا، علاوة على النسخة المختتمة أمس الأول.