سعد الشهري.. شاب الإنجاز فيني
لا تتخيل سعد الشهري إلا شاباً.. هدوء يسكن تقاسيم وجهه يجعلك تتيقن أن الزمن يتوقف عند بعض الناس.. يصعب عليك أن تتصوره كهلاً أمده الله بالصحة والعافية.. يدرب شباناً سعوديين لا تفرقه عنهم.. كأنه أخوهم الذي يكبرهم بسنوات لا تتجاوز أصابع اليد الواحدة.. لا تصيبك بالشيخوخة المبكرة والوهن وأرق السنين إلا الهموم.. هذا ما يقوله أولئك الذين يدعون أنهم الأعرف بنوائب الدهر..
الهموم تجعلك تبدو كبيراً طاعناً في حسابات الميلاد وتجعل المشيب يرهق شبابك وأيامك ولياليك.. لم يمكث سعد طويلاً على العشب الأخضر..
بدأ مشواره كلاعب في درجة الشباب مع ناديه الأصلي الاتفاق عام 1998، وبعدها بعام واحد فقط تقلد شارة القيادة للمنتخب السعودي الشاب عندما ظهر في كأس العالم.. ثم اقتنصه النصراويون حينما كانوا يستعدون لأول مشاركاتهم في بطولة أندية العالم في البرازيل.. وكأن حياته وتاريخه في الملاعب يدور حول حمى الشباب تارة، وكأس العالم والأجواء المونديالية تارة أخرى.. بعدها فقط بأربع سنوات لا تزيد ولا تنقص ابتعد على الأندية بسبب ظروفه العملية.. لم يبتعد عن الكرة فعاد مدرباً لمنتخب تعليم المنطقة الشرقية، ثم في عام 2010 تولى زمام قيادة ناشئي القادسية ونقلهم للممتاز.. ولم يحتاج أكثر من عام واحد حتى توجهم بالدوري لتعود الأضواء على هذا الشاب الذي يختصر لعبة الزمن بهدوء.. التفت إليه النصراويون مرة أخرى، وهذه المرة كمدرب فحقق معهم عام 2015 لقب الدوري.. ثم يعود مجدداً لمنتخب الشباب.. مدرباً أيضاً.. يذهب إلى البحرين حاملاً حلماً سعودياً جديداً.. بعد الفوز على كوريا التقطته العدسات بفرحة غامرة من أجل التأهل.. التقى أمس بالعراق وكادت المباراة تذهب مع الريح.. تأتي ضربات الترجيح.. ضربات الحظ والأعصاب.. العاصفة تطرق الأبواب.. سعد ونجومه ولاعبوه قد يغادرون.. كانت المباراة تحت أيديهم لكنها كرة القدم وأجواءها وطقوسها..
تبتسم الكرة في الضربة الأخيرة للأخضر ويطير للمونديال مجدداً.. الشاب سعد عاد للعالمية.. كأنه يغني وبصوت خافت: "أنا الهوى الغايب.. شاب (الإنجاز) فيني".