دخل نادي نوتس كاونتي الإنجليزي قبل أيام قليلة في معركة حقيقية بعد سقوطه في فخ أزمة مادية حادة، ليدخل النادي البالغ من العمر 154 عاماً نحو مرحلة صعبة من أجل الحفاظ على وجوده واستمراريته كأحد أقدم الأندية في تاريخ كرة القدم. ولا تعتبر تجربة نوتس كاونتي فريدة من نوعها، فالتاريخ كان شاهداً على إغلاق أبواب مجموعة من الأندية التي قصّت شريطها في مرحلة نعومة الأظافر لكرة القدم، وقد نجحت أندية قديمة أخرى في البقاء على قيد الحياة بالرغم من تعرضها الدائم لمختلف أنواع المعاناة والمصاعب. وتتنقل "الرياضية" في هذا التقرير بين إنجلترا وفرنسا وألمانيا وإسبانيا وإيطاليا، لتكشف عن الأندية الأقدم في هذه البلدان التي تعتبر الأفضل في التاريخ الكروي للقارة العجوز.


مثّلت إنجلترا النقطة الأساسية لولادة كرة القدم، فهي كانت شاهدة على تأسيس المجموعة الأولى من الأندية بتاريخ يعود إلى أكثر من 150 سنة، قبل أن تنتقل هذه الرياضة إلى البلدان الأوروبية المجاورة. وفي 24 أكتوبر من العام 1857، تأسس نادي شيفيلد أفي سي، وهو يُعتبر اليوم أقدم نادٍ ما زال يمارس كرة القدم، كما أنّ شعاره الرسمي يحمل عبارة "أول نادٍ لكرة القدم". وبقي شيفيلد في مصاف الأندية المغمورة طوال تاريخه، على عكس الأندية الأخرى في مدينة شيفيلد (شيفيلد يونايتد وشيفيلد ونزداي)، فهو يعيش اليوم درجة عالية من المعاناة مع وجوده في دوري الدرجة الثامنة في إنجلترا، لكن تاريخه يحمل الكثير من الذكريات الجميلة، ومن زيارة بيليه إلى ملعبه عام 2007 خلال احتفالية بمناسبة مرور 150 عاما على تأسيس النادي، ومواجهته لنادي إنترميلان الإيطالي في ذلك اليوم الاحتفالي. وإذا كان نادي شيفيلد هو النادي الأقدم، يُعتبر نادي نوتس كاونتي أقدم الأندية التي ما زالت تنافس في مستوى احترافي، فهذا النادي الذي تأسس عام 1862 يلعب حالياً في دوري الدرجة الثالثة في إنجلترا، لكنه يمضي حالياً فترة مليئة بالمصاعب، حيث ذكرت صحيفة (ديلي ميرور) قبل يومين أن مستقبل نوتس سيتي أصبح عرضة للخطر نظراً لتعرّض النادي لأزمة مالية حادة. وفاز هذا النادي في العام 1894 بلقب كأس إنجلترا، كما أشرف على إدارة جهازه الفني في السنوات الماضية أسماء هامة، مثل المدرب السابق للمنتخب الإنجليزي سام ألاردايس، ولاعب مانشستر يونايتد وليفربول السابق بول إينس.

عرفت كرة القدم الفرنسية إنجازات كبيرة لأندية عريقة مثل مارسيليا ولـــــيون وباريـــــس سان جيرمان وسانت إتيان، لكن عميد الكرة الــــفرنسية وأكبرها سناً هــو نـــادي لوهافر الذي تأسس قبل 144 عاماً في 1872 كنادٍ لرياضات مختلفة. وبالرغم من مرور هـــذه السنوات الطويلة على تأسيسه، يخلو تاريخ لوهافر من الإنجازات الهامة باستثناء فوزه بكأس فرنسا عام 1959، كما أنّه يلعب حالياً في دوري الدرجة الثانية في فرنسا، وهو يأمل في العودة إلى الدرجة الأولى للمرة الأولى منذ العام 2009. وبالرغم من غيابه عن مسرح الألقاب، يشتهر نادي لوهافر بأكاديميته التي أنجبت نجوماً لامعين مثل لاسانا ديارا ورياض محرز وبول بوجبا وديميتري باييت. ومن بين الأندية الفرنسية العريقة التي بصرت النور قبل سنوات طويلة نادي بوردو (1881)، ونادي رد ستار باريس (1897)، بالإضافة إلى ناديي ليون ومارسيليا (1899).

كان بول يسترام في الـ 17 من العمر فقط عندما أسس عام 1888 نادي بي أف سي جيرمانيا الذي يُعتبـــر اليوم النادي الألماني الأقدم الذي ما يزال على قيد الحـــياة، فهذا النادي لم يغلق أبوابه بالرغم من كثرة المعاناة والمصاعب التي يتعرّض لها، فهو يلعب اليوم في دوري كرايس ليجا الخاص بأندية المحافظات، علماً أن هذا الدوري يمثّل أدنى الدرجات في هرم الكرة الألمانية. وفاز بي أف سي جيرمانيا عام 1890 بلقب الـــــبطولة الـــــوطنية الألمانيـــــة الأولــــــى، وهـي بطولة غـــير رسمية اقتصرت على أندية العاصمة برلين، لكن النادي ما زال يطلق على نفسه لقب البطل الأول لألمانيا. وشهدت ألمانيا تأسيس مجموعة من الأندية قبل ولادة بي أفي سي جيرمانيا، وعلى رأسها أندية أولم وبوخوم وميونخ 1860، لكن هذه الأندية لم تمارس كرة القدم في ذلك الحين وأطلقت القسم الكروي بعد مرور عشرات السنوات على تأسيسها. وبدوره، تأسس نادي أف سي جيرمانيا عام 1887، أي قبل عام من ولادة بي أف سي جيرمانيا، لكنّه أغلق أبوابه عام 1919 ليتحوّل إلى ما بات يُعرف اليوم بنادي هامـبورج، والذي يُعتبر أحــد أعـرق الأنديــة في تاريخ الكرة الألمانية.


عرفت إيطاليا مجموعة من الأندية التي فتحت أبوابها منذ سنوات طويلة للغاية، لكن رحلة هذه الأندية لم تدم سوى سنوات قليلة بعد تأسيسها. ويُعتبر جنوى النادي الإيطالي الأقدم الذي ما يزال على قيد الحياة، فهو تأسس عام 1893 دون أن ينجح في تحقيق إنجازات تذكر منذ أربعينيات القرن الماضي، حيث تمثّل إنجازه الأخير بالفوز بلقب كأس إيطاليا عــام 1937. وتأســـس جنوى قبل 4 ســـنوات مــــن ولادة نادي يوفنتوس، كما أنّه يكبر نادي ميلان بـ 6 سنوات، ونادي لاتسيو بـ 7 سنوات. وواجه جنوى في السنوات الأولى بعـد تأسيسه أندية قديمة مثل إنترناسيونالي تورينو الذي تأسس عام 1891 قبل إغلاقه بعد 9 سنوات، ونادي تورينيزي الذي عاش 12 عاماً فقط بعد تأسيسه عام 1894، بالإضــافة إلى أليساندريا الذي أعيد تأسيسه قبل 13 عامــــاً، والذي يلعب حالياً فــي دوري الدرجة الثالثة في إيطاليا.


تُعتبر الأندية الأندلسية أقدم الأندية في تاريخ كرة القدم الإسبانية، وعلى رأسها نادي ريكرياتيفو هويلفا الـــذي تأسس بشــكل رسمي فـــي 23 ديسمبر من العام 1889، ليكون أول نادٍ رسمي في إسبانيا. وانتظر هذا النادي حتى العام 1977 حتى يتمكن من الصعود لأول مرة إلى دوري الدرجة الأولى، ومن بين إنجازاته التأهل إلى المباراة النهائية لكأس الملك الإسباني عام 2006 وتغلبه على ريال مدريد في البرنابيو فـــي موسم 2006ـ2007، لكنه هبـــط عـــام 2010 إلى الدرجة الثانية واستمر فــي المعاناة حتى الموسم الجاري، حيث يلعب حالياً في دوري الدرجة الثالثة وهو تحت تهديد الهبوط مع تواجده في المركز 17. وأنجــبت الكرة الأندلسية نادي إشبيلية في 25 يناير من العام 1890، أي بعــد شهرٍ واحد من ولادة هويلفا، لكن وضعية هذا النادي تبدو مختلفة عن بقية الأندية في هذا التقرير، فهو يُعتبر النادي الأندلسي الأشهر وأحد أبرز الأندية في تاريخ الكرة الإسبانية. وفاز إشبيلية بلقب كأس إسبانيا 5 مرات، وهو العدد نفسه لألقابه فــي مسابقة الـــــدوري الأوروبي، علماً أنّـه يخوض حالياً الموسم الـ 14 له على الــتوالي في الليجا.