مع وصول الشهر الفضيل إلى نصفه، تكوّن لدى المتابع صورة واضحة عما يعرض على الشاشات، حتى إن لم ينته السباق الرمضاني فإنه أدرك جودة كل عمل..
في مجتمعي البسيط لم أجد من ينقل وقائع المسلسلات إلى المجالس كما كان في السابق، بل تحوّل الحديث إلى أمور بعيدة عن الشاشة.. وفي تلك الأيام كان الشخص يتحدث عن ما يدور في المسلسل أو البرنامج في المجلس، وكأنك تشاهده على الشاشة من حماس وعروق تنبض من جبهته، هذا الشخص بات حاليًا يجلس واضعًا قدمًا على أخرى ويتحدث عن الطقس وأسعار السيارات.. وفي ظل هذا الهدوء شدني أن بعضهم لا يزال يتحدث عن رامز وصراخه ومحاولته إقناع المشاهدين بأن ما يرونه حقيقيًّا.. عائلتي وأصدقائي في كل عام يضحكون على ابن المخرج المسرحي الراحل جلال توفيق، الذي من المفترض أن يكون هو من يضحكهم.. في ذات يوم.. زوجتي قالت لي على غير العادة: “ألم تشاهد برنامج “من الصفر” حلقة بدر السحيمي؟!”.. فأجبتها بـ”لا”.. فطلبت منّي متابعتها في الإعادة..
خرجت إلى السحور مع أصدقائي لأجد الطلب نفسه من صديق، وهو يتحدث بحماس وعادت عروق الجبهة تنبض كما كان في الأيام الخوالي..
تابعت الحلقة عن طريق الموقع الإلكتروني.. قصة شاب محكوم عليه بالقصاص، انطلق ليصبح دكتورًا في الجامعة.. اختصرت القصة في سطر، ولكن عندما تشاهد ما قدمه الزميل العزيز مفيد النويصر في تلك الحلقة لن تستطيع أن ترمش.. مثال، كانت جدتي ـ رحمها الله ـ تردده عليّ عندما كنت صغيرًا؛ فقالت وقتها: “إتبع من بكاك ولا تتبع من ضحكك”.. أدركت الآن مغزى تلك المقولة التي سمعتها في الثمانينيات.. هنا تعلم أن الضحكة “الكاذبة” التي يحاول أن يصنعها رامز ومن هم على شاكلته، لا توازي البكاء “الصادق” الذي يخرج من برامج مفيدة كما يفعله مفيد..