تغيرت أمور كثيرة لم يعد في الإمكان إعادة عقارب الساعة للوراء، السعودية تمضي إلى حقبة جديدة، والسعوديون عازمون على تحدي كل المعوقات وقفز الحواجز، وإن علت أو كثرت.
حجم التغير قد يبدو مفهومًا لجيل الخمسينيات والستينيات، أو جيل السبعينيات، أكثر منه لجيل الثمانينيات وما بعدها؛ ذلك لأنهم قضوا حياة مشابهة من حيث التعايش مع الحياة بشكلها الطبيعي، الذي يقودنا التحول الآن إلى أن نحياه من جديد على عكس جيل الثمانينيات، وإن اختلفت معطيات هذا العصر عما كانت عليه فقط من حيث الأدوات والطرق والوسائل.
لقد تم قطع اتصال جيل الثمانينيات مع ما كان عليه آباؤهم وأجدادهم من قيم ومفاهيم للدين والحياة، وتم بناء الكثير من الحواجز العالية التي منعت التتالي التلقائي الذي يمكنهم من فهمه الآن، أو أن يحافظ على اتزانهم مع ذاتهم وثقتهم بشعورهم تجاه بيئتهم ومحيطهم الاجتماعي، حيث بنيت لهم جسور مع عالم آخر لا ينتمون إليه، وشغلوا بقضايا لا تخصهم جعلتهم يعيشون في مجتمعهم مندوبين لغيره لا أفرادًا فيه!
وسعت الهوة جماعات الإسلام السياسي، بعد أن وضع المجتمع بيضه كله في سلتها؛ فاغترب الناس في مجتمعهم، وجعل هؤلاء الوطن بالنسبة لهم محطة للتزود بالنقود والأفراد، متمتعين بالنفوذ والحماية ووزعت الأدوار بينهم بين مرجف ومشكّك ومخذل؛ بغرض تعطيل حركة المجتمع أو فصله عن الدولة، وبين داع للزهد في التقدم ومسايرة العصر، ومعارض لكل انفتاح للسيطرة على المشاعر والتحكم بالقرارات. واستثمر هذا الفاسدون في تساند وظيفي بين الطرفين تقاطعت فيه مصالحهما؛ فتم وضع حياة المجتمع على رف الانتظار.
انتهى كل ذلك للأبد بإرادة سياسية، بعد أن وفق الله الملك سلمان وولي عهده، في البدء بخطوات استعادة المجتمع لحياته التي عاشها وخبرها ويحياها كل مسلم يعرف الله حق المعرفة، وأنه خلق لعبادته وإعمار الأرض وحماية النفس والعرض والمال، تمت المعالجة كما وصفها الأمير محمد بن سلمان في حواره مع الواشنطن بوست مؤخرًا بالصدمة، وأنها كانت ضرورية ضد سرطان الفساد ولكبح التطرف وإعادة تطبيق المماراسات التي طبقت في عصر النبي محمد ـ صلى الله عليه وسلم ـ هيئة الرياضة فيما يخصها، التقطت الخيط ببراعة لرتق سجادة المجتمع، وبدأت في نسجها مجددًا لتعود أنيقة ومتينة وفاخرة.