كان ملعب الهلال بجامعة الملك سعود حدثاً بحد ذاته، ربما طغى على مباراته الافتتاحية رغم أهميتها وقيمة الفريق الضيف العين الإماراتي، بدا الملعب تحفة مزينة بألوان النادي، وجرت الحركة فيه بانسيابية أبرزت بوضوح إنه يمكن أن يحدث مثله في كل ملاعبنا.
وسائل التواصل الاجتماعي نقلت صوراً متعددة ومتنوعة من داخل الملعب ومحيطه الخارجي، اتفقت في دلالتها على أن هناك نقلة ما في نظرة الجماهير لمثل هذه المنشآت من حيث مايريدونه منها وماعليهم أن يتجاوبوا معه من أنظمتها، حتى يمكن أن تكتمل الحلقة التي عادة مايكسرها أحد الطرفين.
في موضوع سابق كتبته هنا في الأول من شهر أغسطس عام 2012، كان محوره الاستادات الرياضية وكيف يمكن توظيفها لأكثر من غرض، ولماذا لازالت أنديتنا عاجزة أو ممنوعة من أن تحول ملاعبها إلى أماكن صالحة أن تقام عليها مبارياتها في الموسم، وجاذبة للراغبين في زيارتها تماما كما هو في ملاعب الأندية الأوروبية.
من بين ماعشنا عليه عقود مضت، أن مواقع مقرات الأندية، ولنضرب مثلا بالهلال والنصر، لايمكن أن تصلح لتحويل ملاعبها إلى استادات تقام عليها مباريات الفريق الكروي الأول، أولا لأنها داخل أحياء سكنية، وثانيا لعدم القدرة على تحويلها إلى ملاعب تستوفي الشروط اللازمة لإقامة مباريات رسمية وجماهيرية، وكنت في الموضوع المشار إليه قد ذكرت أن أهم الملاعب الأوروبية تقع داخل أحياء سكنية، ولم يمنع ذلك من أن ترحب بزوارها ولا أن تحتضن مباريات أبطال أوروبا.
ملعب الجامعة الذي أصبح ملعب الهلال لثلاثة أعوام مقبلة، تحول حين حضرت الإرادة إلى استاد، قد يقود مسيرة تحول جذري لطريقة تفكيرنا في تشييد الاستاد الأنسب من حيث الموقع والحجم والتكلفة والإدارة وأغراض الاستخدام، بحيث نتحول إلى "العملي" بدلا عن "الفخم"، والمستوفية الشروط بدلا عن "الضخم"، وفي كل الأحوال مايفي بالغرض ويشبع عين الشغوفين من الجماهير.
أعود لنقل معلومة أن من بين أجمل عشرة ملاعب أنشئت في أوروبا ملعب الكامب نو الذي يملكه نادي برشلونة الإسباني، ومن صورة التقطت له من نقطة عالية، بدا غارقا بين وحدات سكنية. كذلك الحال لمينيلوم الويلزي وملعب الإمارات في لندن الذي يتسع لـ60 ألف متفرج، وحتى ويمبلي، الأمر يرتبط بالإرادة السيادية التي تجعل كل الخدمات المطلوبة تتوفر لصالح نجاح المشروع.