من أصعب المواقف التي تمر على الكاتب أي كاتب، أن تتوقف بنات أفكاره عن الإنجاب ويصيبها عقم لحظي يشعر فيها بأن كل محاولات استجداء التلقيح لا تجدي.
مررت بمثل هذه الحالة سابقا وربما لاحقا، حيث كنت أتقرفص على المكتب، أحدق في الأوراق البيضاء ثم أمارس لعبة "شخبط شخابيط" وأبدأ في كتابة كل ما يجول في خاطري من مفردات، وأحيانا أخرج "الدرباوي" الذي بداخلي وأرسم قلبا هائما يخترقه سهم نافذ وفي الأسفل أسطر عبارة "الحب عذاب والعشق سم قاتل"، وأحيانا أستعيد ذاكرة الفتى المتناقض في صباه بين الهدوء و"الشيطنة"، وتجول في ذاكرتي بعض "الكسرات" على غرار "يا أهل الهوى وادعوا عباس صديقنا اللي مصافينا".
والمضحك في حالتي هذه والمؤلم أنني حاليا مازلت أواصل الكتابة لعلي أصل إلى فكرة أكمل بها الزاوية ولا تتوقف كثيرا عند نقطة تفتيش مقص الرقيب، الذي أظنه صالح النوايا وبتالا في قراءة ما بين السطور وكشف ملابسات الضمير المتصل قبل المنفصل.
والغريب أنني مع "حتى" عانيت ما عانيت، وسأموت مثل جدي وفي قلبي شيء منها، وأظن وليس كل الظن إثماً أنها معه أشد مضاضة من وقع الحسام المهند.
أذكر قبل سنوات إنني تحديت مقص رقيب آخر بتمرير ما أريد تمريره فوضعتها له بين قوسين واضحة كوضوح ارتفاع الهلال وعلوه وسطوعه، ليقيني بأنه سيركز تفكيره ونظره على مابين السطور ولن ينتبه لما بينته بالقوسين، وأعتقد شبه جازم بأن الرقيب الحالي سيعيد النظر إلى الأعلى ويعيد قراءة الأسطر السابقة ويبحث عن قوسي حتى اللذين يحيطان بحتى.
وقد استفدت من تجاربي الشخصية لتمرير خدعتي البصرية، فأحيانا أبحث عن نظارتي بحث الهائم عن هواه ناسيا أنني أضعها أمام عيني، وأحيانا أبحث عن قلمي وهو بين "السبابة والإبهام" وأحيانا أبحث عن عقالي وهو "على رأسي".
وقد ضربت لكم المثل في أمور علوية ولم أتحدث عن البنى السفلية، فهي لا تليق في هذا المقام والمقال رغم أنها أوضح مضرباً.
الهاء الرابعة
في خفايا الضماير بنى له حوش
مثل بني الحكومة لحد الطاش
وله صرار بقلبي ماهو مفتوش
داخل القلب عسر على الفتاش