|


سعد المهدي
الصحفي لا يموت
2018-01-28

 



 



ما زلت أحتفظ برأيي أن هناك "وسائل جديدة للإعلام"، وليس "إعلام جديد".. كما تتم الترجمة الحرفية new media دون أخذ التصريف الدال على هذا المصطلح، بما يتوافق مع المنطق، وهو أن ليس هناك إعلام قديم وآخر جديد؛ فالإعلام كقيم ومبادئ ورسالة وخدمة وأهداف واحدة، وإن اختلفت آلياته وأدواته عبر السنين.



ومنذ ذلك الحين الذي ظهر على الشبكة العنكبوتية "الإنترنت "محليًّا" أكثر من أربعة آلاف موقع أطلق عليها "صحف إلكترونية"، وبدل أن تزداد انحسرت إلى أقل من الألف فقط لأنها واجهت بعض الشروط عند تجديد رخصها عجزت عن الوفاء بها، مع أنها كانت ألف باء، أي عمل استثماري واشتراطات إنتاج في أبسط وأقل المهن شأنًا منذ ذلك الحين حتى يومنا هذا ثبت أنها كانت دكاكين فارغة من أي بضاعة ولو رديئة، ناهيك أن تكون جديدًا في شيء غير الوسيلة.



كيف يمكن الحصول على صحيفة إلكترونية تقدم نفسها بديلاً عن المطبوعة؟ لاحظوا أنني لم أشر إلى مصدر خبري ولا نافذة رأي أو موقع تم فيه جمع ما نشر وذكر وأذيع وتلفز تم السطو عليه بمهارة أو صلف، أريد "صحيفة" بمعناها جسمًا وروحًا ومسؤولية، تطالعنا بأنماطها الصحفية المتفق مع تصنيفها والخاص بها، والذي عليه أن يختلف عن المطبوع، بحيث يمثل عصره ووسيلته الجديدة؟!



أن تموت الصحف المطبوعة أو تبقى لا علاقة له بمنافس شبيه ببضاعتها، وإلا لكانت مؤسسات هذه الصحف أولى أيضًا بكسب الجولة من جديد عبر مواقع تنقل محتواها الأضخم، وتستثمر شبكة مراسليها ومكاتبها واشتراكاتها في وكالات الأنباء والخدمات الإخبارية، وتستند إلى أموال وأصول وأجهزة ومعدات وعقار. القصة هنا تراجع اقتصاد أضر بالإعلان وتعدد وسائل بدد المقروئية، وجزأ المجزأ من كعكة الإعلان! 



تراجع المبيع في الصحافة المطبوعة أو موتها لا علاقة له بموت الصحفي الماهر في التحرير والتصميم والإعداد والتقديم والحوار والإخراج والمونتاج والإنتاج،  الورق كان وسيلة لنقل الرسالة الإعلامية، وكل ما جدّت وسيلة ظلت في علاقة لا تنفك مع الصحفي، يتكيف معها ويواصل ممارسة مهنته وشغفه عبرها.. سأعود للموضوع أكثر من مرة!