في غفلة من التفكير المنطقي نتجاهل الزمن ومراحله التي تطوي السنين وفيها ومعها تحدث التحولات والتغير والتغيير سواء في نمط الحياه وأدواتها أو أشكال النتاج العلمي والإبداعي الذي يتبعه، تغير بالضرورة على الإنسان من حيث نمط تفكيره وذائقته أو أسلوب عيشه.
كرة القدم مثلاً لا يمكن أن تبقى على حالها كل ثلاثة عقود على الأكثر ومعها أيضاً شكلها "الزِّي والمعدات"، وأساليب النقل التلفزيوني "جودته وعوائده المالية" ومن ذلك المنتج الرئيسي "اللاعب والفريق" الذين يتم تصنيعهم بطريقة مغايرة عن مراحل مضت، وتلقينهم خططاً تتوافق مع طبيعة بنائهم الفني والمهاري الذي تعلَّموه في الأكاديميات ومراكز البراعم والناشئين.
الكل يتحدث عن الموهبة في كل المراحل لكنهم لا يؤمنون أن لكل مرحلة مواهبها التي تشبهها ومن ذلك تجدهم يبحثون عن نجوم الخمسينيات والستينيات والسبعينيات في مرحلة التسعينيات وما بعدها وهكذا، ويريدون مواهب جديدة بمواصفات القديمة حتى في الشكل والأسلوب وقد أدخل في الجانب النقدي الفني أسلوب المقارنة لكنه عند البعض من أجل التأكيد على أفضلية القديم على الجديد!
سيطرة الأجيال الأقدم على وسائل الإعلام والإدارة ساهمت في تعزيز نجوم ومواهب الأمس على حساب اليوم وغدٍ، حتى مع ما استجد على وسائل الإعلام من وسائط جديدة وما غيرته التكنولوجيا في مفهوم الإعلام ووسائله وتداخل المرسل مع المستقبل ما زال هناك تأثير وجداني لإبقاء بيليه بدلاً من مارادونا ومارادونا بدلاً من ميسي وهكذا في كل ملاعب العالم محاولات مستميتة لمنع دخول أسماء لتاريخها الكروي، ناهيك عن الاعتراف بتفوقها على مَن سبقوها.
الذين يرون أن لاعبي الألفية الجديدة ليسوا على قدر كافٍ من الموهبة، لذا يندر أن يكون هناك تمايز بينهم، يتسرعون في الحكم وربما ببعض التريث يمكن القول إن ندرة الموهوبين في الزمن القديم هي التي حفرت أسماء مَن صاروا أساطير في ذاكرة الناس ولو أنهم ولدوا في الزمن الحاضر لكانوا نجوماً مثل البقية، وإن أردنا إثبات ذلك فيمكن لكل مشجع أن يختار عشرة أسماء في ملاعب اليوم، يمكن لهم أن يماثلوا أو يتفوقوا على نجوم ما يسمَّى بـ "الزمن الجميل" لو عاشوه.
حفظ حقوق النجوم التاريخيين لا يعني التقليل من قيمة مَن جاؤوا من بعدهم، والناقد الفني الموضوعي يختلف عن المشجع المعجب، ولا أعتقد مهما بدا من تقصير تجاه نجوم الماضي أنهم لم يستوفوا بعد حقوقهم كاملة، بل إنهم عاشوا في الذاكره أكثر مما يجب وعلينا بدء استقبال غيرهم إلى أن يأتي مَن يعيد فكرة الإحلال مرة أخرى أجيالاً بعد أخرى وهكذا.