No Author
منصور البدر - زوايا
2015-10-27

أضحت مباراة منتخبنا الوطني مع نظيره الفلسطيني قضية شائكة بعد قرار (فيفا) الأخير إقامة المباراة في رام الله وتمسك الاتحاد الفلسطيني بحقه المشروع وفق اللوائح وفشل الاتحاد السعودي في التأثير على أي من الاتحادين لتغيير موقفه .
كانت السبل متاحة والخيارات متعددة للوصول إلى اتفاق مبكر مع الفلسطينيين حتى لو تطلب الأمر تدخلا سياسيا لإيجاد الحل ، لكن التدخل جاء متأخرا بعد أن ضاقت السبل وتقلصت الخيارات إلى اثنين فقط (نعم أو لا) ولا تبدو في الأفق بوادر أخرى .
منطقيا يجب ألا ننظر للقضية من زاويتنا الخاصة وفق مصالحنا فقط ونتجاهل حق الطرف الآخر في اللعب على أرضه وهو حق مشروع كفلته له الأنظمة واللوائح .
من زاويتنا نحن نرى أننا نفعل الصواب بعدم الذهاب للقدس في ظل الاحتلال الإسرائيلي مهما كلف الأمر ـ وهو عين الصواب ـ فالمملكة بلاد الحرمين وقبلة المسلمين ومركز الثقل في العالم الإسلامي ولذلك يُحسب عليها ما لا يُحسب على غيرها من الدول العربية بما فيها الخليجية ، ودخول وفد سعودي رسمي حتى وإن كان رياضيا للأراضي الفلسطينية في هذه الظروف سيأخذ أبعاداً سياسية ويتم تفسيره على أنه إقرار بالوضع القائم .
ونرى أيضا أن لنا من المواقف السياسية والاقتصادية والرياضية تجاه أشقائنا الفلسطينيين ما يشفع لنا بمطالبتهم التنازل عن حقهم ونقل المباراة إلى مكان آخر، هم يستطيعون ذلك فعلا ونحن نستحق هذه التضحية البسيطة قياسا بتضحياتنا الجسام من أجل قضيتهم ـ كما نرى من زاويتنا ـ ولذلك اعتقد اتحادنا أن الأمر أسهل من نقل مباراة التتويج من القصيم للرياض .
في المقابل يجب أن ننظر من الزاوية الأخرى لتكون الصورة أكثر وضوحا ونبني آراءنا على قاعدة سليمة ، فالمنتخب الفلسطيني له الحق في اللعب على أرضه وبين جماهيره التي حرمت هذا الحق منذ عشرات السنين ، وله الحق في الفوز والمنافسة والاستضافة والقبول والرفض .
ومن ذات الزاوية سوف نرى أيضا أن أنظمة فيفا تحرم العلاقة بين السياسة والرياضة ، وأن المواقف السياسية والاقتصادية والشعبية للمملكة تجاه القضية الفلسطينية منذ عشرات السنين لا علاقة لها بالرياضة ويجب ألا تتم المزايدة بها واستحضارها من أجل مباراة .
وثمة زاوية ثالثة تطل على الأحداث وعبرها يمكن رصد خطوات اتحادنا المتعثرة في التفاوض مع الجانب الفلسطيني واتجاهه للاتحاد الدولي ثم عودته مجبرا للتفاوض ، ويمكن أيضا رصد التعنت الشديد لجبريل الرجوب ورفضه القاطع نقل المباراة رغم محاولات الرئيس الفلسطيني محمود عباس ، ويمكن كذلك رصد تحفظ أشقائنا في المجموعة على فكرة نقل المباراة وتأييدهم لموقف الرجوب ـ وربما تشجيعه ـ من أجل تكافؤ الفرص .
ثمة زاوية خاصة وحصرية بحركة حماس ظاهرها التقدير للاتحاد السعودي وواقعها تصفية حسابات مع فتح والضفة الغربية وتحويل الموقف إلى ورقة سياسية تزايد بها على الفلسطينيين أنفسهم ، فحماس التي تشيد (بموقف الاتحاد السعودي الرافض للتطبيع) لا تذكر شيئا عن المواقف السياسية والاقتصادية للمملكة تجاه القضية الفلسطينية وحضرت في قضية المباراة لتحقيق مكاسب سياسية خاصة بها.
تعددت الزوايا والمشهد واحد وهناك حقيقة ترى من كل الزوايا وهي أن القرار ليس بيد الاتحاد الذي فشل أصلا في إدارة هذا الملف ، والمنتخب السعودي لن يذهب للقدس في ظل الاحتلال بغض النظر عن أنظمة فيفا وتعنت الرجوب .