كم مرة تحدثنا بحماس عن هموم وقضايا ومستقبل المدربين الوطنيين ـ أعني مدربي كرة القدم ـ وحجم فرص التدريب المتاحة لهم.. وبرامج التأهيل والإعداد والدورات التدريبية وورش العمل المتاحة لهم محلياً وخارجياً؟ وكم مرة ألصقت بالمدربين الوطنيين صفات (مدربي الطوارئ) و(مدربي الفزعة) و(المدربين العاطلين) إلى آخر قائمة الاستهداف والاستقصاد المباشر في محاولة للتقليل من مكانة وقيمة المدربين الوطنيين بالرغم من حضورهم وتواجدهم في مواقع عمل مختلفة في الأندية والمنتخبات الوطنية..؟
ـ لكن.. مثل هذا الطرح والتداول داخل الوسط الرياضي يترك انطباعاً سلبياً في أذهان الناس والشارع الرياضي والإعلامي عن المدربين الوطنيين الذين ارتبطت أسماؤهم بالبطولات والإنجازات الإقليمية والعربية والقارية والإسلامية والعالمية إن كان على مستوى الأندية أوالمنتخبات (السنية) أو (المنتخب الأول).
ـ وبالتالي فنحن هنا ـ وبوضوح أكثر ـ يجب ألا نرمي كل السلبيات والأخطاء على المدربين الوطنيين (أنفسهم) لكن الواضح أن الخلل والتقصير هو في برامج المنظومة الكروية الغائبة والمترهلة.. للدرجة التي اضطر فيها المدربون الوطنيون إلى فقد ثقتهم باتحاد كرة القدم السعودي بعد أن تفاجؤوا وبدهشة كبيرة واستغراب أن تكون (رابطة دوري الحواري) (أولوية) تسبق ـ سبحان الله ـ روابط المدربين والحكام واللاعبين المحترفين والهواة.. واتجه المدربون الوطنيون إلى تأهيل (أنفسهم بأنفسهم) من دورات المدربين التي تنظمها اتحادات خليجيه وعربية.. ووكالات سياحة وسفر في رومانيا وتشيك.. ومنحهم شهادات (حضور) و(مشاركة) وليست (رخص تدريب دولية) معترف بها من قبل (فيفا).. حتى أصبح لوكالات السياحة والسفر في رومانيا وتشيك مندوبون ووسطاء مهمتهم استلام رسوم المشاركة بمبالغ تصل إلى أكثر من 14000 ريال سعودي يدفعها المدرب الوطني الواحد.. دون أي تدخل من اتحاد كرة القدم والتحقق من نظامية هذه الدورات التجارية ووكالات السياحة والسفر التي وجدت سوقاً رائجة بابتزاز المدربين الوطنيين.
ـ هذه الحال وهذه المعاناة التي تحاصر المدربين الوطنيين تعيدنا إلى تقرير الخبير الفرنسي الذي حضر قبل عدة سنوات لتقييم وتطوير المنظومة الكروية السعودية بكل مكوناتها الإدارية والفنية.. حتى خلص في نهاية تقريره ما أثار الدهشة والاستغراب عندما قال: (إن المدربين الوطنيين هم الحلقة الأضعف في منظومة الكرة السعودية) وقتها كان الخبير الفرنسي يشير وبشكل مباشر إلى ضعف برامج الإعداد والتأهيل والتطوير الموجهة إلى المدربين الوطنيين من قبل اتحاد كرة القدم السعودي.. وضعف حضور المدربين الوطنيين في برامج وورش عمل الاتحاد الآسيوي للدرجة التي تفيد فيها بعض قوائم وإحصاءات الاتحاد الآسيوي حتى نهاية 2014 ومنتصف 2015 بأنه لا يوجد محاضرون سعوديون معتمدون رسمياً سوى محاضرين فقط هما الدكتور جاسم الحربي والكابتن حمد اليامي.. وأن المدربين السعوديين الحاصلين على أعلى رخص التدريب الدولية (pro) للمحترفين (بروفيشينال) 5 فقط وهم صالح المطلق وسمير هلال وعمر باخشوين ونايف العنزي وحمود الصيعري.. وحصلوا عليها من قطر والكويت والأردن.
ـ يحدث هذا في اتحاد كرة القدم السعودي. الاتحاد الذي وصل كأس العالم 4 مرات وحقق كأس آسيا 3 مرات وحقق كأس العالم للناشئين ووصل إلى مراحل متقدمة عالمية وقارية وخليجية في منتخبات الشباب والأولمبي والناشئين وبكوادر وطنية.
ـ وفي سياق الحديث عن المدربين الوطنيين.. أسأل بألم وحرقة: أين المدرب القدير ناصر الجوهر؟
أين الجوهر عن شؤون المدربين بالأمانة العامة؟ أين الجوهر عن المنتخبات السنية؟ عن التدريب؟
عن اللجنة الفنية؟ عن ستوديوهات التحليل.. عن البرامج الرياضية.. عن عضوية اتحاد كرة القدم.. موجعة مثل هذه الأسئلة. كما هو موجع أن تفتقد المستطيلات الخضراء مدربين وطنيين حصلوا على أعلى رخص التدريب الدولية (pro) صالح المطلق.. سمير هلال.. نايف العنزي.
ـ بقي أن أقول لكل أصدقائي وزملائي المدربين الوطنيين بألا تثقوا.. ولا تصدقوا.. بأي برنامج انتخابي قادم أو أي وعود لأي رئيس قادم يستهدف تطوير المدربين الوطنيين أو يعد برابطة للمدربين الوطنيين فهي لعبة انتخابية مكشوفة تأتي في سياق التسويق والترويج والدعاية لكل المرشحين القادمين لرئاسة الاتحاد السعودي لكرة القدم.. وعند ضمان الفوز والترشح.. تتلاشى الوعود وتترهل مفردات
وبنود البرنامج الانتخابي.. ونعود لنقطة البداية مرددين مقولة: (بالفعل.. زامر الحي لا يطرب).