العنوان أعلاه ليس جملة فعلية مفيدة، بل هو قاعدة تعني "خسر الأفضل"، فكرة القدم مثل الدنيا ليست في كل الأحوال عادلة بالمقياس البشري.
خسر الهلال، فصمت نصف الأرض وابتهج النصف الآخر، وهذا أمر طبيعي، فقدر الكبار دائما مميز سقوطا أو ارتفاعا.
خسر الهلال والخسارة في ساحتنا الرياضية وعلى المقيمين بجوارنا مراعاة نفس الظروف "تجب ما قبلها".
لكن في هذه المرة أشاهد اختلافا جذريا، فالهلاليون غاضبون من خسارة البطولة المستعصية، لكنهم راضون على فريقهم بشكل كبير وكبير جدا.
طبيعي أن يحزنوا وهم يمنون النفس بكسر عناد الآسيوية وإعادة أمجاد التربع على عرش القارة.
حزنوا لأنهم يرونها كانت قريبة أقرب من خيال المحبوبة لقلب المحب، وكانت في المتناول بعد السيطرة شبه المطلقة على مباراتي النهائي وكأنهما أقيمتا في "العريجاء"، ومع كمية الأهداف المهدرة، بعضها تترامى الكرة على خط المرمى كعروس زفت على رجل لا تريده وتأبى الدخول في "عش الزوجية".
غضبوا لبرهة من الزمن قصيرة جدا، ثم تذكروا أن فريقهم قدم نفسه بطلا بثباته الكبير ومستواه العالي وروحه الوثابة، لكن ظروف الإصابات والغيابات وتوقيتها السييء وأد حلمه، فالسوبر "إدواردو" وهو نقطة ارتكاز منهجية "دياز" أصيب في الدقيقة السابعة في مباراة الذهاب، سقط على الأرض قبل أن تسقط الكرة في الشباك الزرقاء بهدف "الغفلة"، والهداف "خربين" تحامل على نفسه شوطا أول في مباراة العودة وقد أصيب في مطلعه، وكان يمني النفس بتعويض ما أهدره سابقا وتأكيد اللقب لفريقه، فلقب الهداف لم يهتم له، وحين خرج مجبرا لم تتوقف عيناه اللامعتان من ذرف الدموع، وكأن "نهر بردى" قد جف ينبوعه، فبات يردد "سلام من صبا بردى أرق، ودمع لا يكفكف يادمشق".
خسر الهلال بطولة، لكنه لم يخسر هيبته وشموخه الذي تمثل برئيس النادي، الذي وقف شامخا بعد صافرة وأد الحلم "يواسي" لاعبيه الواحد تلو الآخر، ثم يذهب إليهم في غرفة الملابس ويطلب منهم أن يرفعوا رؤوسهم فهم خسروا جولة لكنهم لم يخسروا المعركة.
خسر الهلال، فتعلم عشاقه من درس سيدني وباتوا حريصين جدا على الحفاظ على مكتسبات الفريق البطل، فقدموا عبارات الشكر عبر مواقع التواصل، وأعدوا العدة لاستقبال الفريق ليلة البارحة في المطار.
بعد كل هذا تيقنوا أن عبارة "خسر الهلال" تعني "خسر الأفضل".
الهاء الرابعة
أﻧﺎ ﻟﻴﺎ ﻣﻦ ﺿﺎﻕ ﺻﺪﺭﻱ ﺗﺬﻛﺮّﺕ
إن ﺍﻟﻠﻪ أﻗﺮﺏ ﻣﻦ ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﺨﻼﻳـﻖ
أﺭﺗــﺎﺡ ﻻﻣﻨﻲ ﺫﻛــﺮﺗـﻪ ﻭ ﻛﺒـــﺮّﺕ
ﻭأﻓﺮﺡ ﺑﺬﻛﺮﻩ ﻛـﻞ ﻣﺎ كنت ضايق