أكثر الذين بشروا بدوري قوي ومختلف عما سبقه، بدؤوا يشككون في تحقق ذلك، والسبب هو أن المنافسة حتى الآن لم تتمكن من إقناع أحد أنه تغير حالها عن سابقها، ولا أن المدخلات التي طرأت عليه أمكن لها أن ترفع من مستوى المنافسة بالسرعة التي توقعها البعض.
لعبت حتى الجولة الماضية 61 مباراة بمعدل حضور 5079 متفرجًا لكل مباراة، وشارك فيها 313 لاعبًا، وسجل خلالها 193 هدفًا، أحرز منها المحترفون الأجانب 115، والمحليون 77هدفًا، بمعدل 3.16 لكل مباراة، وبمقارنة هذه الأرقام بمثلها في مواسم مضت أيا كانت النتيجة غير ممكن، لأنه في هذا الموسم حدثت تغييرات جذرية في فرص المنافسة، بالسماح لكل فريق بإشراك ستة لاعبين أجانب بما فيهم مركز حراسة المرمى، وهذا لم يسبق أن حدث منذ انطلاقة دوري الأندية الممتازة 1977.
لكن.. لماذا أشير إلى الذين بشروا بدوري مختلف وأنهم الآن يتراجعون شيئًا فشيئًا عن فكرتهم؟! الحقيقة أن سبب ذلك أنني أرى أنهم دائمًا ما يشكلون الخطر الأكبر على أي مشروع جديد، فهم في البدء مندفعون دون تروٍّ أو قراءة متأنية، حيث يظنون أن النجاح لا يحتاج منهم إلا أن يروج له جماهيريًّا ليصبح واقعًا، ومن ذلك سمعنا وقرأنا عما أحدثته تعديلات اتحاد الكرة في الدوري أنه غير في المنافسة منذ الجولة الأولى وكان ذلك غير صحيح.
الأجانب الستة كان لهم دور في تغيير شكل الفرق الصغيرة والمتوسطة، زاد من مقاومتها لفرق المقدمة وهيأ لها فرص اقتناص فوز أو فوزين، لكن ذلك كله لم يغير قواعد لعبة التنافس، إذ ظل التنافس الحقيقي على اللقب بين ذات الفرق وشبح الهبوط يحمل ملامح كل موسم، تمامًا كما كانت كل المواسم لا تخلو من نتائج ينتهي الأمر بتوصيفها مفاجئة، ولا أظن أن التغيير الذي أحدثه اتحاد الكرة هذا الموسم لإيراد له أكثر مما تحقق، وإلا فما فائدته؟
الضغط على اللاعب المحلي من أجل تحفيزه لإعطاء أقصى ما لديه من قاعدة انضباطه أولًا أمر جيد، كما أن تضييق الفرصة عليه لإجباره قبول عروض خارجية أفضل أيضًا جيد، وهذا يحتاج إلى أكثر من ثلاثة مواسم ليتحقق، كان يوجب علينا كمراقبين ونقاد أن نقرأه بشكل صحيح، وأن نقدمه للمتلقين بكل أبعاده وتفاصيله وزمنه المقدر، ليس هناك من هو ضد أي تجربة يقصد منها رفع كفاءة اللاعبين، ولا مستوى المنافسة وتنوع وتعدد فرقها، المهم هو أن يصاحب ذلك تسويق لهذه الأفكار تساعد الآخرين على فهمها، وبالتالي تشجيعها ودعمها لتنجح.