|


فهد علي
فارس "عوض"
2017-10-05

 

 

 

أتى صوته من "بحر الخليج"، من أبو ظبي تحديدًا، ليمتد فوق سماء المتابع العربي وصولاً إلى المحيط. كان معلقو كُرة القدم أشبه بدكاترة عيون، من خلالهم نعرف مدى جودة أبصارنا؛ فدورهم الذي اختاروه لأنفسهم يقتصر على متابعة "سير الكُرة"، بصوت رتيب يشعروننا باجتيازها رمية التماس أحيانًا، وبدخولها إلى الشباك أحيانًا أخرى.

 

علا صوت المعلق الإماراتي "فارس عوض" ليكسر شرنقة رتابة المهنة بمطرقة "مخزونه اللغوي"، حاملاً معه حضورًا ذهنيًّا عاليًا؛ فالرياضة تثير الإعجاب إذا حملها إلى المشاهد من يحمل مقدرة على وصف الحدث بقدرة ارتجالية ممتعة، حتى ضياع الفرصة المهدرة أمام المرمى يحرز فيها فارس "المتعة"، وهي الهدف.

 

ولو استذكرنا مجددًا أحد وجوه الإعلام كقوة ناعمة تحمل إمكانية التأثير البطيء في قناعة المتابع دون وعيه، وتمرر الأفكار وتحارب الأمم الأخرى، أيضاً "التعليق الرياضي" أشبه بجمال ناعم، تلك المزيّة تكمن في دخول "الشاعر" و"المعلق" من خلال أصواتهما إلى بيوتنا بسهولة ويسر، فيما يشق على الكاتب والمفكر دخوله من خلال كتاب. 

 

كامل السخاء يجود به الإعلامي الرياضي بميل نفسه صوب الأدب، حينها لن يمطر غير تراكيب ومجازاتٍ لغوية تفتح شهية المتابع صوب الجمال، وأظن أن فارس "عوض" ـ لا أعني اسم والده هنا ـ على الساعات المهدرة فيما يقدّمه؛ لأن جميع المعلقين الذين يعتمدون على حبال أصواتهم سوف تترهل يومًا، لكن حبال الوعي الذي يستند إليها لا تنقطع أبدًا.