|


إبراهيم بكري
دقيقة واحدة مع (خالد بن عبدالله)
2017-10-09

 

 

 

 

يقول المثل الياباني:

"اللقاء بداية الفراق".

 

شاب عشريني يحتضن كاميرا التصوير، جسده محشور بين زحمة الضيوف في المطار، يقرأ الوجوه الجالسة التي تنتظر وصول الملك عبد الله بن عبد العزيز "يرحمه الله" أثناء زيارته منطقة جازان عام 2006م.

 

بين الجلوس أمير بشوش الوجه صامت قليل الكلام، يلبس بشتًا من التواضع، ورغم كل هذا تحيط به هيبة تستشعرها تشرق من عينيه تجذبك وتجبرك على الاقتراب منه.

 

الخطى ثقيلة.. تكاد القدم اليسرى تعجز عن ملاحقة سابقتها اليمنى، المسافة التي كانت تفصلني عن الأمير قصيرة تقارب عشرة أمتار لا أكثر، لكني كنت أراها سكة طويلة بسبب التردد من لقاء أمير يملك كل هذه الهيبة.

 

كل هذا الخوف انتهى بتواضع الأمير الذي وقف قبل الوصول إليه، نهض في شموخ وتبسم، وكأنه يذيب القلق ويمد جسرًا للقاء افتتحه بالترحيب، الكف اليمنى التي تسكن فيها تجاعيد الزمن تعانق كف شابٍّ لم ترتسم عليه أي تضاريس العمر.

 

هذا "خالد بن عبد الله" لا شبيه له عندما يلقاك أول مرة، ويشعرك بأنه يعرفك منذ سنين، يفتح لك قلبه وبكل حرارة يرحب بك.. أهلًا يا ولدي.. أهلًا يا ولدي.

 

قلت له بالنص:

"أهلًا بك يا أمير في جازان التي يولد فيها عشاق الرياضة بالفطرة أهلاويين أو اتحاديين".

 

تبسم الأمير.. وسأل:

وأنت ولدت أهلاويًّا أم اتحاديًّا؟!.

 

لا مفر من هذا السؤال إلا الدبلوماسية في الرد، فقلت له:

ولدت في أسرة قدرها أن تميل قلوب كبيرها وصغيرها إلى أندية ثلاثة لا رابع لها، وحب الأهلي يسكن بيتنا.

 

عاد الأمير وسأل مرة أخرى:

وأنت ماذا تشجع؟.

 

قلت للأمير:

أنا أشجع "خالد بن عبد الله"؛ لأنه رمز للرياضة وليس للأهلي فقط.

 

هبطت طائرة الملك عبد الله بن عبد العزيز "يرحمه الله"، وانتهى اللقاء ليكون الأول والأخير مع هذا الأمير الذي يسحرك بكلامه وأسلوبه وجمال روحه.

 

ستون ثانيةً لا أكثر هي المرة الوحيدة في حياتي التي جمعتني بهذا الرمز الأهلاوي الأمير "خالد بن عبد الله" في ظروف عابرة دون أي تنسيق في حوار انطلق بالأهلي وانتهى به.

 

لا يبقى إلا أن أقول:

 

من طبيعة عملنا الإعلامي أن كاتب الرأي بين فترة وأخرى، بسبب مقال يغضب عليه جمهور نادٍ معين، هذا شيء فطري بين البشر يولد الخلاف في الرأي ولا يتشابهون.

 

أندية كثيرة اختلفت مع جماهيرها، من ضمنها النادي الأهلي، وهذا أمر متوقع في مهنتنا الإعلامية، والتي نمشي فيها بين حقول ألغام، وليس حدائق ورد، لكن يبقى مع كل خلاف مع عشاق الأهلي، أني أكتشف فروسية الأمير"خالد بن عبد الله" الذي يقرأ المشهد بعيونه، حكيمًا عادلًا لا يستخدم سلطته لقمع الرأي المخالف، بل يشرع ثقافة تغذي المجتمع الرياضي بالرقي عند الاختلاف.

 

أيها الفارس.. سترحل من المشهد الرياضي، وسيبقى لك في القلب موطن.. الحزن ليس أهلاويًّا، بل حزن وطن.

 

قبل أن ينام طفل الـــ "هندول" يسأل:

 

لماذا نختلف في الميول، ونتفق في حب "خالد بن عبد الله"؟!.

 

هنا يتوقف نبض قلمي، وألقاك في"الرياضية" صـحيفتنا، وأنت كما أنت جميل بروحك فشكرًا لك.