|


سعد المهدي
الكذب الإعلامي
2009-01-09
أتحسس كثيراً من التقارير الصحفية أو التلفزيونية وتساورني شكوك لا تنقطع بأنها أقرب إلى التصنيع منها إلى الواقع خاصة عندما تعرف أن هذا التقرير وبالذات التلفزيوني لا يمكن لك إعداده باستقلالية كما هي التقارير التي تخرج مثلاً من بعض البؤر الساخنة في ظل قبضة جماعة مهيمنة سواء تلك التي تبثها قنوات عربية أو أجنبية أثناء الحصار أو خلال القصف والاجتياح وهذا لا يعني عدم تصديق ما حدث أو يحدث ولكن حينما تكون التقارير مؤدلجة بقدر سافر لا يؤخذ فيه حتى احترام عقلية المتلقي ووعيه وعلمه بالأمور وكيف لها أن آلت إلى ما آلت إليه فهي تفقد كل مصداقيتها نهائياً.
التقارير فن يقوم على صناعته محترفون تحرص وسائل الإعلام على توفيرهم للعمل على تزويد جمهورها بما يوفر لهم المعلومة والاطلاع على الأحداث، وفي ذات الوقت يمكن لها أن توصل رسالة مغلوطة عمداً لأهداف تعني هذه الوسيلة أو من يقف وراءها هذا بات معلوما للكثيرين لكنه لا زال يشكل خطورة على العامة خاصة التقارير التي ترصد حدثاً يمكن له تجييش العواطف الدينية أو الطائفية وهكذا لأسباب يعلمها الجميع من ذلك فإن كتابة تقرير ودعمه بالصورة الصحفية أو التلفزيونية ما لم يكن في بيئة صالحة تسمح بالاستقلالية والحياد فإنه سيكون موضع شك وبالتالي يفقد هدفه.
قد نتجاوز عن فبركات بعض الوسائل الإعلامية حين يكون الهدف وسيلة إيضاح كالذي تفعله بعض الصحف والمجلات التي تزور تقاريرها وتحقيقاتها بصور مفتعلة لأناس تم التفاهم معهم على التقاط صور معينة في أوضاع أو أماكن بعينها أو ممثلين يقومون بأداء أدوار تتطابق مع ما يذهب إليه التقرير التلفزيوني على أن ذلك أيضا يدخل في إطار التزييف لكنه يظل أهون من استخدام أناس عجائز وأطفال مثلا يعيشون المأساة فعلا ليؤدوا حركات أو يقولوا عبارات تقصد منها هذه الجهة الإعلامية توصيل رسالة معينة بالطبع غير حقيقية لما يجري في الواقع لتحقيق نصر سياسي ما أو لإحراج أطراف معينة وهكذا دونما اهتمام بالحقيقة ولا القضية نفسها.
في الرياضة الأمر أقل سوءاً ليس لأن الذين يكتبون التقارير أو يجرون التحقيقات أفضل من نظرائهم في مجالات أخرى كالسياسة والاقتصاد ولكن لأن الصورة في الرياضة شفافة أكثر وواضحة بالقدر الذي يظهر الصدق من عدمه، كذلك مقدار الحرية التي يعمل فيها الإعلامي الرياضي حول العالم ليست بمثل التقييد المفروض على الآخرين كما أن فرص الوصول إلى المعلومة وإلى المصادر ومواقع الأحداث وكثرة التجاذبات والتيارات تجعل إمكانية التضليل فرصها أقل على الرغم من أن الصورة عند من يتلقون ما تبثه وسائل الإعلام الرياضية غير ذلك لكنه يظل في تقديرهم. إنما الحقيقة أن هناك من هو أسوأ وأكذب وأقذر من الإعلام الرياضي وبمراحل سنين ضوئية.