|


سعد المهدي
لماذا على الهواء
2012-01-10
في زمن سابق كانت البرامج المباشرة نوع من الانتحار الإعلامي حيث يترتب عليها مسائل عدة أقلها ضرراً الأخطاء البدائية التي قد تدخل ضمن عرض البرنامج بالقدر الذي يجعلها تطيح باستمراره أو حتى استكمال الحلقة إذ أن القطع هو أسهل عمل فني أو إجراء إداري يمكن أن يتم اتخاذه عند وقوع البرنامج في مطب يربك عرضه أو عند ورود ملاحظة من جهة (ما) تعترض على فكرة الحلقة أو حتى عبارة وردت في البرنامج مع مرور السنين تغيرت الأمور فأصبحت البرامج المباشرة هي القاعدة والمسجلة استثناء فلماذا حدث ذلك وكيف يمكن تفسيره؟!
من جانبي أرى أن أول الأسباب كانت في التحفظ من أساسه على أن يتم تقديم بعض البرامج بشكل مباشر وليس مسجلاً أما الأمر الثاني فقد يعود للارتفاع التدريجي للسقف المسموح به مع تساقط بعض المحاذير التي أما أنها كانت ترتبط بمرحلة أو قناعات انتهت أو كان قد تم حشرها حشراً في قوائم غير المسموح به لأسباب مرتبطة بواضعي نظام النشر في حينه، أما الأمر الأهم فيما يحدث الآن فهو التغيير الجذري في مرجعية الخدمات الإذاعية التلفزيونية وبالتالي فقد تم تأسيس جديد لهذه الخدمة الإعلامية مبني على ما طرأ على العالم من تحولات اجتماعية وسياسية وثقافية وأيضا تطور أدوات وآليات العمل الإذاعي والتلفزيوني والذي تغيرت معه استراتيجيات مقدمي هذه الخدمات التي تبنت دراسات جدوى اقتصادية أولا تحقق الربح مرهونة بالجودة والانتشار العائد في ما بعد بأموال الإعلانات وذلك لا يمكن أن يتأتى من حيث المبدأ إلا باسترضاء العملاء المقدمة لهم هذه الخدمة وفي مقدمتها حاجاتهم شكاواهم أذواقهم سرعة ربطهم بالأحداث ترفيههم وهكذا..
في زمن الإذاعة الواحدة القناة التلفزيونية الواحدة الرسميتين لم يكن هناك ما يلزمهما على فتح الهواء ولا تجويد العمل إذ أن الانتشار متحقق دون ذلك كما أن العمل المقدم لا ينتظر من ورائه إيرادات بدونها لا يمكنه الاستمرار وبعد أن بات ذلك من الماضي فإن ما كان مقلقاً أو حتى محظوراً أصبح مريحاً ومطلوباً.
كل ذلك صحيح لكن ما يجب بحثه هو ألا يرى المخططون للبرامج أن برامج الهواء انقلبت إلى العملة الرديئة في خارطة البرامج لأن قلة الخبرة وفقدان أدوات المهنة والموهبة عند من يقومون على هذه البرامج أخل بقيمتها وغير صورتها من برامج حساسة ومهمة صعبة خطيرة إلى عكس ذلك.. ربما لو وجد في الإذاعات والقنوات التلفزيونية المنتشرة برامج (مسجلة) أن تكون امتحانا حقيقياً لقدرات ومهنية القائمين عليها.
ولربما يفهموا صعوبة العمل المتقن وأهمية الوقت المهدر وبشاعة أخطاء الهواء وتجاوزاته.. لعلهم بعد ذلك أن يقرروا ما إذا كانوا لا زالوا يعتقدون أنهم مؤهلون لتقديم هذه الخدمة الإعلامية أم لا...؟