|


حسن أبوزينب
سيما أوانطة .. هاتوا فلوسنا
2009-12-22
ما سعيت أن أنكأ جراحاً حسبت أنها اندملت لولا تصريحات غاضبة هنا وأخرى ثأرية هناك تومئ بأن تحت الرماد وميض نار والخوف كل الخوف أن يكون ضرامها في أمم إفريقيا التي تنطلق من أنجولا في شهر يناير المقبل. فمنذ أن أسدل الستار على مباراة أم درمان بين (الإخوة الأعداء) انغمس الطرفان الجزائر ومصر وبحماس يحسدان عليه في تأجيج الاحتقان واختطافه من المستطيل الأخضر وجره قسرا لتلويث فضاءات لا ناقة لها ولا جمل في السياسة والاقتصاد والفن والأدب وذلك بمقاطعة أية تظاهرة يكون أحد الطرفين مشاركا فيها. لا نكشف جديدا إذا قلنا إن المعركة التي جرت في غير معترك وكان (الملعون الوحيد) فيها الإعلام التحريضي الاستفزازي الذي داس على كل الخطوط الحمراء وأشبع ما كان يعتقد بأنه ثوابت ركلا وشتما وذما وقدحا بل تطاول حتى على الرموز الوطنية والتضحيات والحضارات الضاربة بأطنابها في جذور تاريخ البلدين واختذلها في لونين أحمر وأخضر.. لقد لطف الله بنا أن حدودا بطول 5 آلاف كيلومتر تفصل بين الدولتين ولولاها لحدث ما لم يحدث بين هوندوراس والسلفادور عام 1969. المفارقة هنا أنه مضى أكثر من شهر ومازالت ذيول وتداعيات (مباراة أم درمان) حاضرة متقدة تلفظ حمم التصعيد والتوتر والانتقام.. مصر طلبت اعتذارا رسميا قبل أي مشروع لتطبيع العلاقات والجزائر ردت برفض مباراة الوفاق والتصالح. يسترعي الانتباه أيضا هنا أن مباراة فرنسا وأيرلندا الفاصلة للمونديال مرت مرور الكرام دون أن يعتبر أحد أو يتعظ .. كان مشهد حارس أيرلندا وزميله المدافع وهما يركضان نحو الحكم ويتوسلانه بعدم احتساب هدف الفوز الفرنسي الذي نشله تييري هنري نشلا باليد يدعو للشفقة فليس هناك أكثر إيلاما أن يذهب أدراج الرياح في غمضة عين وانتباهتها حلم دولة انتظرت على أحر من الجمر4 سنوات عجاف للمشاركة في عرس المونديال جراء جريمة اكتملت أركانها في رابعة النهار وبثوا صورها بالعرض البطيء في كل أركان الدنيا بل تبجح المتهم وسجل اعترافاته كمن أخذته العزة بالإثم بتفاصيلها معلقا وزره في رقبة الحكم .. كل هذا انتهي إلى رجل يقف في هدوء تام أمام السفارة الفرنسية في دبلن في الصقيع وتحت المطر وهو يحمل لافتة كتب عليها (أعيدوا المباراة )..تعاملت أيرلندا مع الظلم الذي حاق بها بالهدوء والعقلانية وتركته للقانون يقول كلمته فيها..هنا ثمة علامات استفهام حائرة تتوالى وتتناسل ماذا استفاد المواطن المغلوب على أمره وفيه ما يكفيه من سيل الملاسنات والمكايدات التي أرقت ليله وأسهدت نهاره؟ معتوه من يزعم رصد حصاد إيجابي إن لم يكن ذلك غلا للنفوس وبثاً للفرقة والشتات في زمن البحث الجاد عن الكيانات الكبيرة . هل سنشهد في أمم إفريقيا إذا تلاقى الفريقان حلقة جديدة من زعيق منتصف الليل القميء من عيار (الردح من ع الشباك)؟ لا أدري.. ولكن الذي بات قناعة تامة هو أنه وتحت قشرة هشة متهالكة من وحدة اللغة والتقاليد والمصير المشترك يقبع مخزون إستراتيجي هائل من العداء والكراهية والحساسيات يفوق ما تمتلكه السعودية وفنزويلا من احتياطيات النفط.. وفي غياب الإرادة وضياع الحكمة فإن الذي يبدو أن الفريقين سيتجهان إلى أنجولا و(حتى إشعار آخر) تحت شعار يقول
لا يسلم الشرف الرفيع من الأذى
حتى يراق على جوانبه الدم

آخر الكلام
لا شيء عندي أهديها ولا مال
فليسعد النطق إن لم يسعد الحال
أبوالطيب المتنبي