إذا فكرت أن تصبح طبيباً فإن عليك أن تسلك الطريق الصحيح لهذه المهنة من دراسة وطلب للعلم .. وإذا أردت أن يصبح ابنك كابتن طيار مثلاً فالطريق واضح لذلك وهناك معاهد لتدريب الطيارين .. ولكل مهنة طريق يمهد لنجاح صاحبها .. حتى لو أردت أن تصبح سباكاً أو كهربائياً مع كامل احترامي لجميع المهن فإن عليك أن تتعلم كيف تتقن هذه المهنة من خلال إلتحاقك بأحد المعاهد المتخصصة في ذلك .. وكل مهنة لها أسرارها .. إلا مهنة واحدة في السعودية هي الأسهل وهي أن تصبح إعلامياً رياضياً بعد أن اختلط الحابل بالنابل .. وضاعت الطاسة الإعلامية ما بين ناقد ومحلل .. لاعب كرة مهما كانت نجوميته اعتزل يوم السبت ويوم الأحد أطلق عليه لقب إعلامي .. إداري لم ينجح في عمله في ناديه طرد أو استقال أو أقيل يوم الأحد فأصبح يوم الإثنين إعلامياً بقدرة قادر .. أسهل شيء في الرياضية السعودية أن تصبح إعلاميا رياضيا وأقصد بكلمة إعلامي أنها تشمل جميع المجالات الإعلامية. ليس بالضرورة أن ينجح كل شخص يرغب في الشهرة والظهور في الفضائيات ليصبح إعلامياً .. الازدواجية لدينا (لخبطت) الأمور رأساً على عقب .. ولا يغضب مني الأخ العزيز عادل البطي الذي أطالبه بأن يختار الإعلام حتى لو كان على حساب منصبه في أي لجنة في اتحاد الكرة، فهو محلل متميز ولكن الازدواجية تضعه في موقف محرج. هناك نجوم ولاعبون كبار أمثال يوسف خميس وحمزة إدريس وخالد مسعد أرى أنهم مقنعنون إلى حد كبير .. لكن أن يتحول كل لاعب إلى ناقد ومحلل فإن في هذه كارثة مستعجلة حلت بالإعلام الرياضي السعودي. الكثير يرددون عبارة أن الإعلام أصبح قوياً .. وهو بالفعل أصبح قوياً ولكن من خلال التقنية وليس الطرح .. ومع ذلك ورغم أن هناك الغث والسمين أجد نفسي متحيزاً ومدافعاً عن جميع الإعلاميين ولا أعتقد أنهم سبب مصائب الكرة السعودية لأنني أجزم بأن الإعلام هو مجرد (مرآة زجاجية) عاكسة لكل ما هو أمامها .. فالشخص الجميل يظهر جميلاً أما القبيح فماهو ذنب المرآة؟ .. إذاً الإعلام هو عاكس وناقل وليس صانعاً للأحداث. ولأنني لاحظت في الآونة الأخيرة أن الفجوة بين القيادة الرياضية ورؤساء الاتحادات والأندية قد زادت وتضاعفت وأخشى أن هناك مستفيدين من توسيع هذه الفجوة فإنني أطالب أن تكون الصورة واضحة وأن يكون الإعلام بين خيارين لا ثالث لهما، إما شريك حقيقي ومناصف للإنجازات وليس شريكاً بالقطعة ونحوله إلى (منشفة) نمسح بها الإخفاقات أما الإنجازات فهي من عمل الاتحادات والمسؤولين .. أعود وأكرر من حق الأمير نواف بن فيصل بن فهد الرجل الذي أحبه الجميع لحماسه ولا يشك أحد في ذلك لحظة واحدة أن يعتب على بعض ما يطرح في الإعلام لكنني أعرف شخصية الرجل عن قرب وأعرف سعة صدره وأقول له هذا قدرك .. وأطالبك يا أمير الشباب بأن تسعى جاهداً لتقريب وجهات النظر وأن تقفل الطريق أمام كل من يحاول تشويه صورة الإعلاميين أمامك، وهذه ضريبة المسؤولية، وأنت أهل لها يا أبا فيصل. الجميع يقدر أن مسؤولية الرياضة والشباب تختلف عن أي قطاع حكومي آخر .. فالرياضة مشاعة ومتاحة للجميع والنجاح والفشل فيها مكشوف للجميع .. وهدف في كرة القدم ربما يجعل المسؤول عن الكرة أفضل شخص .. ونتيجة مباراة كرة قدم قد تجعله على صفيح ساخن من النقد وربما النقد اللاذع .. أكرر ياسمو الأمير هذا قدرك وثق أن جميع الإعلاميين يقدرون الضغوط التي تواجهها وليتسع قلبك وصدرك وأن تعيد النظر في الإعلاميين الشرفاء فهناك الكثير منهم. أما المتربصون والباحثون عن الصيد في الماء العكر فكلنا ضدهم قبل أن تكون أنت ضدهم .. ولن نتركك وحيداً أمام من يتوهم أنه إعلامي لمجرد أنه كتب زاوية في جريدة أو قال كلمتين في قناة فضائية .. وأبشرك يا سمو الأمير الشاب أن المتلقي الرياضي السعودي أصبح على قدر كبير من الوعي والإدراك وأصبح يملك من الفطنة والذكاء ما يجعله يفرق بين الطرح الوطني والطرح المصلحجي .. أنا عن نفسي صريح وقد تكون لي آراء حادة الزاويا وكم مرة حاولت أن أنمق الفكرة أو أجمل الكلمات لكنها تخرج من القلب على طبيعة وسليقة صاحبها .. مثلي كثير من الأوفياء لهذا الوطن، لكن النقد مطلوب والجميع شاهد أن النقد هو جزء من التطوير والدليل أن معظم قرارات اجتماع اتحاد الكرة الأخير نبعت من خلال أطروحات صحفية لعلني كنت صاحب واحدة منها وهي تحويل الغرامات إلى حوافز للأندية أو صندوق مساعدات للاعبين المعتزلين وليس لأعضاء اتحاد الكرة ـ كما سمعت.