نفاق السلطة ولّى وجاء زمن نفاق الجماهير هل لأن نفاق السلطة أصبح مكشوفاً أو ممجوجاً أو ربما لم يعد مغرياً أو مفيداً، لا فرق إذ بقي المنافق منافقاً كان ولا زال يبحث عن الطريق الأسهل للبقاء في الواجهة وكسب التعاطف والتأييد وحتى الإثراء المشروع وغير المشروع. في زمن الثورة التكنولوجية وغوغاء الشارع هذه الثنائية التي باتت تشكل ملمح المجتمع كان لابد من إعلام ودعاة وخفافيش أدوات تواصل اجتماعي أن تتضامن لتشكل جبهة لبث الرعب في النفوس الساكنة المستقرة لفرض واقع (ما) يسعى لتقديم وجوه أو جماعات مقابل إزاحة أو تأخير أخرى. المنافقون الجدد مختلفون جداً في تعاطيهم مع القضايا ويحتاج الأمر لسنوات للتعرف عليهم وكشفهم، فالنسخة جديدة من المنافقين لكن لها نفس الأجندة تقوم بتنفيذها باستخدام لغة وأدوات العصر واستثمار ما أفرزته غوغاء الشارع العربي من مفاهيم وقيم للتسلل إلى عقول المجتمع من خلال تبني مطالب فئوية والنفخ في حالات فردية لجعلها بحجم الظواهر وبالتالي كسب جماهيرية ومزيد من أتباع ومريدين ربما يعتبرونهم محطة أولى في مشوار طويل لا يعلم مداه إلا الله..أو أنهم أتفه من ذلك إذ لا يتجاوز الأمر عبث يراد به الشهرة لذاتها ورضا العامة عنهم. المجتمع خلال عقود ثلاثة ماج بين تيارات فكرية متضادة كسب الجولة فيها من غزا العقول من باب الحس الديني وانتهى الأمر برموز لها أتباع ونحن نعيش الآن مرحلة النفاق مع الجماهير من فئة أخرى هم الإعلاميون ووسائل إعلامية يغزون العقول من خلال العزف الكاذب على وتر العدالة والحرية وحاجات الناس المادية وإذا كنا قد خرجنا من المرحلة الماضية بالكثير من الضرر فإننا لا نعلم مدى ما تحدثه موجة النفاق الجديدة من أضرار وآثار لابد أنها بالغة جداً.