لا توجد مدرسة يفوق مستواها مستوى معلميها، هذه العبارة الجميلة الهادفة للخبير التربوي الدكتور عبد الرحمن بن سعد الحقباني رئيس اللجنة الوطنية للتعليم الأهلي بالغرفة التجارية لها من المدلولات التربوية الشيء الكثير، فحقاً المدرسة النموذجية ذات التجهيزات والإمكانات والساحات والأدوات والتقنية ضرورية لتوفير بيئة تربوية جاذبة ومحفزة تلبي احتياجات العملية التعليمية والتربوية، ولكنها لاتكفي وليست هي الأساس للتعليم الجيد أو لمخرجات جيدة ومثالية ويبقى المعلم هو الأساس وهو من يصنع الفرق، المعلم الذي يتيح فرصة للطالب بأن يكون هو محور جميع العمليات التربوية والتعليمية ولذا من الضروري العناية بنوعية الإنسان المعلم وكفاياته المهنية والشخصية، فكم من منهج دراسي لا يراعي طبيعة النمو النفسي للطلاب انقلب أداة تربوية جيدة في يد معلم كفء وقدير، بينما قد ينقلب منهج تربوي ممتاز في يد معلم غير كفء إلى خبرات مفككة يعوزها التناسق والترابط ولا قيمة لها على الإطلاق، أضف إلى ذلك أن المعلم يعتبر قدوة لطلابه وقائدا لهم، وهذا ولا شك أمر تربوي واجتماعي على جانب كبير من الأهمية والخطورة، ولذلك تظهر لنا نتائج مركز القياس والقدرات نتائج طلاب وهم في بيئات طاردة ومدارس مستأجرة ومناطق نائية أفضل من الطلاب في المدارس النموذجية ذات الإمكانات المتكاملة، مايقال عن التعليم يقال عن الرياضة، فيمكن القول إنه لا يوجد ناد يفوق مستواه مستوى لاعبيه، على اعتبار أن لدينا أندية تملك مقرات ذات مواصفات نموذجية وبها جميع التجهيزات والملاعب والصالات والقاعات للتدريب والمحاضرات ولا يوجد بها نشاط حي ومقبول كالأكاديميات واللاعبين الموهوبين بل تعتمد على اللاعبين من الأندية الأخرى، والعكس تماما تجد أندية ليس لها مقرات، بل مبانيها مستأجرة ومتهالكة وترى لاعبيها أبطالا في العديد من الألعاب المختلفة ويتفوقون على زملائهم من الأندية التي تملك المقرات النموذجية وهذا يؤكد أمرا هاما وحيويا ينبغي الالتفات إليه ومراعاته ومراجعته وهو حسن انتقاء و اختيار الجهاز الإداري والفني والمساعدين الذين يعملون بالنادي بعناية، ولو أن هذا الأمر حساس ومحل خلاف كثير من الأندية إلا أنه ضروري، واستبعاد من لا تثبت جدارته وقدراته على تحمل مسؤولية تطوير اللاعبين وتوظيف قدراتهم ومهاراتهم، فالأمر جد خطير وبعيدا عن الحساسيات لأن فاقد الشيء لا يعطيه، ومن ثم لابد من المواجهة وعدم التهاون في هذا الأمر مهما كانت المبررات والعلل، فلن يسهم في إعداد اللاعبين وتوظيفهم وتطويرهم إلا من تتوفر فيه كل الصفات والقدرات والاستعدادات الشخصية والمهنية، ثم موضوع آخر مرتبط بما قبله أن عملية حسن اختيار وانتقاء اللاعبين وفق الأسس العلمية هو البدايات التي ينبغي أن تكون صحيحة حتى تتحقق الأهداف، لأن واقع أنديتنا الرياضية يؤكد عكس ذلك، إن مراجعة عملية انتقاء واختيار اللاعبين في معظم الأندية ابتداء من الفئات السنية الصغيرة، وهم الذين نؤمل عليهم وتؤمل عليهم أنديتهم بعد تميزهم أن يكونوا لاعبين على مستوى مهاري وفني عال وقدوة للأجيال الناشئة مطلب ملح وضروري، لأن الاعتماد على مجموعة من اللاعبين دون إجراء دراسات علمية للتبوء بمستواهم مستقبلا، أمر له محاذيره وخطورته، فمهنة ككرة القدم مثلا تتطلب توافر صفات معينة وقدرات واستعدادات خاصة في الإنسان الذي سيمارسها، ومن الطبيعي ألا يكون مستوى أداء اللاعب مهاريا هي المحك الوحيد الدال على أن هذا اللاعب يمتلك الصفات والقدرات والاستعدادات التي تؤهله كلاعب كرة قدم . إن الأمر المؤكد أن عدم وجود مقر نموذجي للنادي وإن كان مطلبا ليس هو المتطلب الوحيد لتطوير وتميز النادي ولاعبيه، بل بالاختيار الموفق للإداريين والفنيين والمتخصصين في ظل وجود خطط وإستراتيجيات استثمارية وتسويقية جيدة لأنهم سيعملون لوقت أطول وصبراً ومثابرة وإيماناً بأهمية العمل غير التقليدي الذي يشعر اللاعبين بأن الكل يعمل من أجلهم وليس من أجل مصالحهم الشخصية.