هو مواطن مخلص اسمه سليمان الراجحي، ضرب مثلاً رائعاً في العصامية والعطاء والكفاح والكرم والنبل، حتى نال تقدير مؤسسة الملك فيصل الخيرية وحصل على جائزتها العريقة واستحقها بكل جدارة وتميز. وعدت بالذاكرة إلى مقابلة صحفية أجريتها مع الشيخ سليمان عندما كنت أعمل بالصحافة قبل قرابة العشرين عاماً، حيث تحدث عن بداياته حتى وصل إلى ما وصل إليه وأسوق ذلك لكي يعرف الشباب حجم المعاناة التي مر بها هذا الرجل ثم نظرته للأمور وحرصه على التوسط، الاعتدال، البساطة، وعدم المباهاة والتفاخر، بحيث لا ينفق الريال إلا في مكانه الصحيح لأنه سيسأل عنه يوم القيامة، بعكس ما نراه عند بعض المترفين من بذخ ومبالغة في المتع والسفه، مثل الذي اشترى منديل أم كلثوم أو صوت في برنامج بملايين الريالات حتى تفوز فنانة ناشئة بلقب مطربة البرنامج. أما بدايات الشيخ سليمان فقد قال إنه جاء للرياض من القصيم وليس معه إلا ثوب واحد يلبسه.. إلى درجة أن هذا الثوب عندما يتسخ يغسله بنفسه في دورة مياه المسجد الكبير بالرياض ثم يلبسه وهو رطب ويركض حتى ينشف الثوب عليه ويباشر عمله كحمالي لحمل الأغراض للزبائن. وسألته عن بداية جمع مدخراته فقال بأنه كان مع بعض المتنافسين في نفس عمره يجمعون مخلفات الحيوانات ويذهبون لبيعها بقروش معدودات لنساء يبعنها كسماد أو وقود، ويضيف بأنه يتنافس مع هؤلاء الشباب للظفر بأكثر قدر ممكن من الدمن من الإبل مثلاً إلى درجة أنه يحاول مسابقتهم فيدخل يده قبلهم في مؤخرة الجمل أو الناقة للحصول على أكبر قدر ممكن من الدمن ليذهب ويبيعه للنساء ثم يضع القرش فوق القرش حتى بدأ في الصرافة على الرصيف في سوق الرياض القديم ومن هنا بنى هذه المؤسسة الضخمة بالتعاون مع أخيه صالح، ثم أقام مؤسساته ومشاريعه التجارية الناجحة التي كان محورها الإنسان وخدمة الناس والانضباط والجدية والصبر والكفاح ثم عمل الخير والحرص على خدمة الإسلام ودعم مشاريع البر والإحسان، وكان من تواضعه عندما سألته عن امتلاك طائرة خاصة فقال لدي ستون طائرة وهي طائرات الخطوط السعودية، وأنه يفضل ركوب درجة الأفق رغم قدرته على ركوب الدرجة الأولى لحبه للبساطة، ولأن كلا الدرجتين ستصلان في نفس الوقت، وكذلك يستخدم فرق السعر في أمور مفيدة أخرى. والقصص طويلة للشيخ سليمان يرويها ليعطي دروساً في الصبر والمثابرة والعصامية، وأن طريق النجاح يأتي من الصفر ولهذا وصل إلى القمة وتربع عليها ولكن بتواضع وبساطة واعتدال.