إنها خادمتنا الأندونسية (سونايني) أو (سونارتي) كما باتت تدعى بعد التعريب أو التبسيط .. المهم هذا هو اسمها .. أما (سليمان) فهو جدها الذي ربما كان عربياً، وذهب كما ذهب غيره إلى تلك البلاد الآسيوية طلباً للرزق يوم كانت جزيرتنا العربية تعاني من العجز والفاقة! أن يكون في بيتكم خادمة لن يضيف إليك شيئاً من (البرستيج) الذي تبحث عنه.. فلا يكاد يخلو بيت اليوم في هذا الوطن العزيز من عاملة منزلية. إنها حالة مرضية أفرزها الترف فأضحت اليوم حاجة لا تستطيع أكثر الأسر الاستغناء عنها! و(سونارتي) أحبتي نموذج رائع لهؤلاء اللاتي أتت بهن الحاجة ليقبلن بهذا الأجر الزهيد في نظرنا.. المقنع في نظرهن.. يعشن به ويعلن من وراءهن. إنها تدرك قيمة العمل الذي تؤديه.. تتعاطاه بحب. البيت أضحى بيتها.. تعرف كل خفاياه، وطباع أفراده وميولهم وهواياتهم وأطباقهم المفضلة. تتعامل مع كل واحد بالأسلوب الذي يناسبه.. تحترم الكبير وتحنو على الصغير ولا تتساهل كثيراً مع من يتجاوزون. يعجبني فيها هذا الاعتداد بقيمتها وقيمة العمل الذي تؤديه.. تدفعني به اليوم لإفراد هذه المقالة.. أعنونها باسمها مسبوقاً بالسيدة، وأعني بها المالكة.. المتحكمة.. الموثرة.. والتي عطفاً على ذلك كله تستحق أن تقدم لها ما يرضيها.. تحضر لها ما تحبه من طعام وشراب وكساء.. تنصرها حين يتجاوز الأطفال حدود الأدب معها.. وقبل ذلك كله تحرص على أن تزودها بما يعينها على إدراك أمور دينها وتقوية صلتها بربها. ولست بهذا التفنيد لحقوق العاملات في بيوتنا أدعي المثالية.. إنني ـ يا قوم ـ أقدم حالة أعيشها أبحث من خلالها عن صيغة تليق بنا في التعامل مع تلكم السيدات اللاتي أجبرتهن الظروف للعمل في بيوتكم.. يكنسن ويغسلن ويطبخن أيضاً.. يفعلن كل ذلك وأكثر من أجلكم.. لا لتنظروا إليهن بازدراء أو لتلاحقوهن بنظرات الشفقة.. إنهن يردن الاحترام.. التقدير لهذا العمل الكبير الذي بتنا لا نستغني عنه.