يسأل الأب ابنه عن صحيفة اليوم وهل أحضرها من نقطة بيع الصحف ويبحث مسئول مع معاونيه في قطاع عام أو خاص عن كيفية الاشتراك في الصحف ويسأل زميل زميله عن أهم المقالات التي نشرت في هذه الصحيفة أو تلك... لذا فإن الصحف اليومية تمثل أساساً مهماً لبداية أي يوم في معظم دول العالم... وكما قال الشاعر (آية هذا الزمان الصحف...) وعندما جاءت الإذاعة وتبعها التلفزيون أصبحتا وسيلة مهمة من وسائل تقديم المعلومة وظل الأمر في مجاله الاعتيادي إلى وقت قريب عندما حدث هذا الانفجار التقني الفضائي وبعد أن تجاوزنا القناة التلفزيونية الوحيدة التي لا خيار لنا منها إلى مئات القنوات التي تبث كل شيء ودخلت الإنترنت كوسيلة مهمة جداً أبعد كثيراً عن الرقابة وأوسع وأغزر في المعلومات بل وكأنك أمام مكتبات متنقلة وصحف متناقلة ومنتديات فيها كل شيء بل وتتواصل مع كل شعوب العالم واختيار الصديق الذي تريد... وتزامن الإنترنت مع وسيلة اتصالية لا تحتاج إلى جهاز كبير ووقت محدد بل أنه جهاز معك أينما كنت وهو الهاتف المتنقل (الجوال) الذي يعد في نظري أهم وسيلة اتصالية إذ يستخدمه المليارات بدءا بالأطفال ومروراً بالشباب والنساء وانتهاء بالكبار والشيوخ ويتساوى المسئول الكبير في الدولة مع الموظف البسيط مع رجل الأعمال الناجح مع الشاب الذي يبحث عن عمل... جميعهم أصبحوا أسيرين للجوال الذي ليس بغريب أن تجد مجموعة في مجلس من المجالس والكل ممسك بجواله يقلبه ويعيش في عالمه... كل هذه الوسائل من الممكن أن تتحول إلى وسائل أقناعيه في مجال الإعلام لمحاربة المخدرات والقضاء عليها. ومشكلة المخدرات مشكلة خطيرة جداً وفي نمو وازدياد والوطن العظيم المملكة العربية السعودية مستهدف بالدرجة الأولى كونه بلد الحرمين الشريفين وبلد العقيدة الإسلامية... وحاليا نرى ونقرأ أخبارا محزنة وجرائم عنف وقتل وأخلاقيات تعود بالدرجة الأولى للمخدرات ونراها كيف تحول الإنسان الناجح المتزن الذي يعيش ويستمتع بحياته إلى إنسان يفقد الإنسانية ويصبح أسير المخدرات وعلى استعداد لكي يكون مجرماً بلا أخلاق وبلا قيم بسبب المخدرات ورغبته في الحصول عليها... والمؤسف أنه رغم ما يبذل من الجهات الأمنية في محاربة المخدرات إلا أن الجهود الوطنية التي ينبغي أن تتضافر لحلها لازالت ضعيفة ودون المستوى سواء من الناحية التخطيطية أو الفكرية أو التنسيقية وهذا يتطلب الحاجة إلى تغيير الإستراتيجيات والاعتراف بأننا لا نسير بالطريق الصحيح والدليل التزايد الهائل لحجم المشكلة وانتشارها... ولذا أول وسيلة أقناعيه يمكن استخدامها هو تضخيم المشكلة والاعتراف بخطورتها والتحدث عنها في كل مكان وشحذ همم المجتمع من مسؤولين ودعاة ووعاظ وكتاب ورجال أعمال وباحثين بأننا أمام مشكلة كبيرة تنمو وتزيد وان ما يقدم لمحاربتها لا يكفي أمام انتشارها ونموها وان الأمر لن يتجاوزك فقد يكون المستهدف ابنك أو ابنتك لا سمح الله في التعاطي أو الترويج أو يكون أحد من تحب ضحية أحد هؤلاء المتعاطين أو المروجين للمخدرات. ومن أهم الوسائل في مجال التوعية والإعلام في مجال مكافحة المخدرات هي استخدام المدمن التائب والمتعافي كوسيلة إقناع وهو هنا ليس بالضرورة أن يكون مدمناً تائباً أو مرشد إدمان مثلا وإنما كنماذج في المجتمع كانت تعيش حياتها في نجاح وراحة وسكون وفجأة قلبتها المخدرات وحولتها إلى شخصيات يائسة فاشلة محبطة مدمنة تعيش على الغير أو في السجون مع استعراض نماذج لنجوم في كرة القدم أو الفن أو الاقتصاد تقرب للشباب كأمثلة ونعطي الأمثلة ليس على شكل الإشارة للشخصية نفسها وإنما إلى فعل هذه الشخصية وما فعلته.. فلدينا نماذج عالمية كانت مضيئة في عالم الرياضة مثلاً ولكنها انتهت نهاية سيئة بفعل المخدرات وآل بها الأمر إلى السجن وإلى الفشل وربما الموت.. ولدى إدارات المخدرات أسماء وتجارب لرجال أعمال كانوا ناجحين ثم تحولوا إلى مفلسين ومسجونين بسبب المخدرات ويمكن استعراض قصص هؤلاء الأشخاص وغيرهم في مختلف المهن وواقعهم الحالي دون الإشارة لأسمائهم كأحدى الوسائل المهمة للاقتناع بخطورة المخدرات كذلك كانت تجربة الإدارة العامة لمكافحة المخدرات رائدة ومميزة في الاستفادة من المدمنين التائبين وأول من استقرأ أهمية ذلك المغفور له أن شاء الله الأمير فيصل بن فهد الذي استوعب توبة تائبين أصبحوا من الرواد في هذا المجال وابتعثهما لأمريكا وحصلوا على شهادة دبلوم لمدة سنتين من مركز متخصص.. وجاءت ردود الفعل من المشاهدين لبرنامج المخدرات النهاية الذي تشرفت بإعداده وتقديمه بدعم وتوجيه وتشجيع من الأمير محمد بن نايف مساعد وزير الداخلية للشئون الأمنية عندما تم الاعتماد على المدمنين التائبين كإحدى أهم الوسائل الاقناعية طوال حلقات البرنامج... فلا بد من دعمهم وتعزيز هذا التوجه لان الإنسان سيتحول إلى إيجابي... وإذا كان يملك أسلوب الحديث والإقناع فلماذا لا يتم الاستفادة منه في التوعية والتحذير من خطورة المخدرات.