|

رؤية 2030 آفاق عالمية للرياضة أرقام وإنجازات





د. محمد باجنيد
غيروا الجمل وما حمل
2012-07-27

كم هو قصير هذا الزمن الذي تحولت فيه الدنيا من حولنا، فصرنا نسكن البيوت الحديثة ذات التصميم الجميل والمفروشات الراقية والتجهيزات الكهربائية والإلكترونية المتطورة.. بعد أن كنا نعيش في بيوت من طين فرشها (الحنبل) والحصير.. وأقصى تجهيزاتها (الطباخة) و(الزير). وأنظر كيف أصبحنا نركب كل هذه الأنواع الفاخرة من السيارات بعد أن كنا نمتطي الجمال والحمير.. تطور مذهل لم أشاهد مثله في بريطانيا (العظمى) التي قضيت فيها بعضاً من سنوات عمري أتعلم وأنقل لكم بعضاً من مشاهداتي والوطن في القلب ينبض بشؤونه وشجونه. هل شاهدت يوماً لقاء الركبان في البادية.. يأتي أحدهم راكباً بعيره.. أو حماره.. لا فرق.. فيلتقي بآخرين فيتجاذبون أطراف الحديث.. وقد يمر بجانبهم أناس آخرون وقد لا يمرون وهم لا يشعرون. وسائل النقل البدائية التي كانت في السابق قد استبدلت بوسائل حديثة.. الجمال والحمير أصبحت -منذ زمن ليس بالقصير- سيارات فاخرة تسير على طرق معبدة ذات نطاق محدود يضيق داخل الأحياء ويتسع في الطرقات الرئيسية للمدينة، ويحكم سير هذه السيارات نظام مروري يقوم على هدف رئيس هو تحقيق السلامة للراكبين والراجلين. ومع كل هذه التطورات المدنية المتسارعة لا يزال بيننا اليوم من يتعامل مع كل هذه التطورات بعقلية راكبي الجمال والحمير.. يوقف أحدهم سيارته في وسط الشارع ليتحدث إلى راكب جمل.. أقصد سيارة في الاتجاه المقابل فيسدا الشارع ولا يكترثان بمن يأتون من خلفهما.. إنه مشهد متكرر يضاف إلى مشاهد التفحيط والسرعة العالية والتجاوزات الخاطئة، وتلك المصيبة العظمى قطع الإشارات التي سألني عنها أحد الأساتذة في جامعة جلاسكو كان يعمل في إحدى جامعاتنا قبل ما يزيد على العشرين عاماً.. قال لي هذا الرجل مستفسراً -بل متهكماً- إن كان لا يزال عندنا من يقطع إشارة المرور.. فأجبته بالنفي.. في غيرة وطنية متفائلاً بتغير كبير كانت بوادره تلك الحملة التي تبناها المرور - قبل أكثر من عشر سنوات- لإلزام سائقي السيارات بربط حزام الأمان وكيف استبشرنا بتطبيقه والتزام كثير من الناس به خوفاً من العقوبة.. قبل أن أعود قبل ثلاث سنوات لأجده (مفروطاً) بعد أن غاب عن رابطيه الرقيب.. ولتمر تلك الحملات المكثفة للتأكيد على أهميته والتحذير من العقوبة التي تنتظر عدم المتقيدين به مثلها مثل حملات (أسابيع الشجرة) و(المحافظة على البيئة). احتفاليات مظهرية أضحت مادة جامدة تتناقلها وسائل الإعلام.. تناشد بها الوعي الذي غاب حين لم نوفر ما يكفل احترام النظام.. العقوبة التي لا تعرف أخاً ولا قريباً ولا صديقاً. إنها سر التزامنا بأنظمة المرور وغيرها في البلدان الغربية بل وبعضاً من الشرقية القريبة منا. لقد تغير الجمل ولابد أن يتغير هذا الإنسان الذي يركب -اليوم- السيارة عوضاً عنه.