يظل البشر قاصرين محدودي الكمال، وتلك صفة البشر التي خلقهم الله عليها، والكمال يأتي حين تشرئب الأعناق متطلعة لمستقبلٍ واعد؛ اعترافاً بالخطأ، وتعويضاً عما فُقد، وإصلاحاً للخلل، ونشْداً للجديد والمفيد، وميدان الرياضة ليس بمعزل عن ميادين السباق نحو التطوير ونشد الكمال، بل إن له فيه حصة الأسد، وما ذاك إلا لمكانة شأن الرياضة وعلو قدرها، فهو بوابة فسيحة ارتبط تحقيق المستويات فيها بتقدم أي دولة وأصبح مظهرا من مظاهرها، ونتابع الإنجاز والإعجاز في مسابقات الألعاب الأولمبية المقامة بلندن من خلال استعراض الدول لقدرات شبابها في ميدان أتيحت فيه فرص المنافسة للجميع بالتساوي (فالميدان يا حميدان)، ولأن اللجنة الأولمبية السعودية اعتمدت في إعداد أبطالنا للمشاركة في الأولمبياد على برنامج الصقر الأولمبي الذي يشجع البارزين والموهوبين من الاتحادات في الوقت الذي تعاني منه اتحاداتنا من شح في الموهوبين أولا ومن الموارد المالية ثانيا فانطبق عليها المثل الذي يقول (جيتك يا عبد المعين تعين....لقيتك يا عبدالمعين تنعان) ولأن صنع البطل في المراحل المبكرة من عمر الطفل يعتبر تشييد الأساس والقواعد الرئيسية لبناء رياضي ذي مهارات وقدرات فنية وجسم صحي متكامل ولأنه لا يلوح في الأفق في رياضتنا وضع لبنات أساسية للاهتمام بإعداد الأبطال من الصغر للتمثيل الأولمبي الذي يعد قمة تطلعات الأبطال إلا أن الشيء المحزن والمؤلم أننا تعودنا في نهاية كل مشاركة أولمبية بلوم أنفسنا ونتعهد بإصلاح الوضع القائم واليوم فإن الأمر يتطلب أن ندرك ما نحن فيه، ففاقد الشيء لا يعطيه وعلينا الآن أن نخطو خطوة في ذلك الطريق الصحيح بإصلاح وضع رياضاتنا وإعداد أبطالنا وفق أسس علمية ودراسات ميدانية بعيداً من التهبيطات للإعلام عند كل مشاركة غير ناجحة انطلاقاً من ممارسة الطفل للرياضة في المدرسة أولاً من خلال زيادة الوقت المخصص للممارسة بحيث تصبح حصة رياضية يوميا أسوة بالدول المتقدمة التي تنشد التميز والصحة لأطفالها على اعتبار أن الطفل في نشاط التربية البدنية في معظم دول العالم من 6 إلى 12 سنة، أي في مرحلة التمهيدي والروضة والمرحلة الابتدائية في أحسن الظروف يشارك لمدة 30 دقيقة في كل حصة. وإن ممارسة الرياضة في البرنامج التعليمي للطفل والذي قد يكون 150 ساعة في مرحلة مبكرة من عمره هي تولدّ البصمة الأولى والانطباع عن الرياضة الذي يدوم لفترة طويلة ربما إلى نهاية عمره. ولأن وضع حصصنا والبيئة التي تمارس فيه لا تشجع ولأن الوقت لا يسمح له بمزيد من الممارسة والاستمتاع لذلك يفضل أطفالنا مشاهدة التلفزيون على ممارسة الرياضة فانتشرت السمنة وأغلب أمراض العصر في أطفالنا فلا يكفي الاهتمام أو التركيز بتطوير وتعليم الطفل المهارات الحركية الأساسية في مجال التربية البدنية لقلة الوقت المخصص لدرس التربية البدنية، إن النشاط البدني في المراحل المبكرة من عمر الطفل يعتبر تشييد الأساس والقواعد الرئيسية لبناء جسم صحي متكامل. ومن واجبنا في هذه المرحلة هو إيصال هذه الرسالة لأجيال المستقبل.ولكن هذا الهدف لا يمكن تحقيقه إلا من خلال تبني وزارة التربية والتعليم ذلك وهذا سيخدم تنفيذ وتحقيق أهدف الإستراتيجية الوطنية للتربية البدنية التي تنشدها الوزارة وكلفت بيوت خبرة لإعدادها وستطبق العام القادم أما الجزء الثاني المهم فإن العاملين في المجال الرياضي في سباق مع الزمن عبر الدراسات والمقترحات الكفيلة لتجويد ذلك ورفع أسقفه وتمتين أساساته وعليه يفضل وبصورة عاجلة أن تتبنى اللجنة الأولمبية السعودية تشكيل لجنة تحت مسمى (البطل الأولمبي) لا يزيد أعضائها عن سبعة من المختصين في مجال الرياضة تقدم أفكارا وتضع معايير للإشراف على مدارس ومراكز الموهبة، هذه اللجنة ليس بالضرورة أن يكون رئيسها من أحد رؤساء الاتحادات حتى تكون اللجنة فاعلة وعملية لأنه سبق وأن تم تشكيل لجان عديدة من رؤساء الاتحادات أثبتت فشلها مع البعد عن الشكليات والأمور التي تعطي انطباعا إعلاميا فقط وتسكين للإعلام ولا تعطي ثمارها وقد يعطى الاتحاد السعودي للتربية البدنية والرياضة دور في ذلك، وهذه قد تكون من مهامه المستقبلية فهو اتحاد نوعي ولكنه معطل، ثالثاً العمل على انتقاء الكوادر لعضوية مجالس الاتحادات الرياضية من أبناء اللعبة ومن لهم تواصل في ذلك لفشل التجارب السابقة وليس بالضرورة أن يكون عمل في ناد وبالذات في الألعاب الفردية حيث إن أغلب الأعضاء الذين تم اختيارهم في الدورة السابقة تم عن طريق المعارف والصداقات رابعاً تفعيل التقويم من خلال وضع معايير دقيقة وواضحة لمتابعة أعمال الاتحادات وإنجازاتها رابعا توفير الميزانيات اللازمة وتوفير الدعم المطلوب للرياضيين وإبرازهم إعلاميا مع تكثيف المشاركات واللقاءات والتجمعات لهم، والله الموفق.