كان صعود المنتخب السعودي لأولمبياد لوس أنجلوس 1984م حدثاً كروياً هاماً، وكان المشاركون من النجوم في مرحلة التأهل هم صفوة نجوم ومواهب الكرة السعودية في الثمانينيات الميلادية عدا قائد المنتخب صالح النعيمة وحل بدلاً عنه المدافع الجسور سمير عبدالشكور إلى جوار حسين البيشي. كانت تصفيات الوصول للوس أنجلوس قيمة فنية قدمها لاعبو المنتخب بالكامل إلا أن اللافت فعلاً هو أن هذه التصفيات ضربت أكثر من عصفور بحجرها، فقد هزم منتخب الكويت الذي نادراً ما كان يقبل الهزيمة من المنتخب السعودي على مدى تاريخ مواجهاتهما، فإذا هو ينكسر بل ويرضخ لرد دين أربعة دورة الخليج الثالثة 1974م، والأمر الثاني كسر الحاجز النفسي مع عتاة آسيا الكرويين مثل كوريا الجنوبية بهزيمته (5 ـ 4) حتى بدا التأهل بمثابة (البطولة) التي يمكن أن تدق لها طبول الفرح التي عزت على كل المشاركات التي سبقتها. إلا أن الأخضر في نهائيات الأولمبياد (لوس أنجلوس 1984م) كان مخيباً فقد بدأ مشواره بهزيمة ثقيلة (0 ـ 6) أمام المنتخب الألماني وكذلك أمام البرازيل (1 ـ 3) والمغرب (0 ـ 1) وكل هذه الفرق كان لاعبوها من الهواة، لكن الأمر في حينه لم يلاقي ردة فعل ساخطة وتم اعتبار المشاركة إيجابية. أما المشاركة الثانية في أتلانتا 1996م فقد جاءت بعد أن تشكل للمنتخب السعودي اسم مهم في القارة الآسيوية ومعه بدأ رفع سقف الطموح وبالتالي فلم يلق التأهل ذلك الاهتمام، لكن الهزائم الثلاث في النهائيات أمام إسبانيا (0 ـ 1) وأستراليا (1 ـ 2) وفرنسا (0 ـ 1) فتحت النار على اللاعبين والمدرب واتحاد الكرة تعبيراً عن خيبة الأمل بالرغم من أفضلية هذه المشاركة على سابقتها في لوس أنجلوس. المنتخب السعودي لم يعد يتأهل للأولمبياد منذ ذلك الحين (1996م) لكنه ظل يتأهل إلى عرس كرة القدم الكبير المونديال (1998م) و(2002م) و(2006م) وبرغم من دلالة ذلك إلا أن معيار النقد ظل مرتبطاً بما يقدم في النهائيات وبات لعب التصفيات والتأهل عملاً روتينياً يجب إنهاؤه، ومن ذلك أو بأسبابه توقف حتى العمل الروتيني عن دورته في 2010م و2011م وكأن ذلك احتجاجاً على سوء المعاملة مع ما يتم تحقيقه أو حتى يضطر من كان لا يرى فيه قيمة أو دلالة لمراجعة تقييمه للأمور وتصحيح مفاهيم أراد لها البعض أن تسود جبراً. اليابان وكوريا الجنوبية صارعا على الدور النهائي لأولمبياد لندن 2012م لكنهما في المحصلة عادا إلى المراتب الطبيعية في مثل هذه المشاركات الأولمبية، وبطلة العالم إسبانيا أسقطها اليابان ولم يسمع أحد عن ألمانيا وإيطاليا والأرجنتيني، وكانت منتخبات مثل السنغال وغانا تخطفان انتصارات مشابهة لما كان يسعى له الكوري والياباني، ذلك كله يؤكد على أن كرة القدم حالة تجلي تستثمر الإمكانات وليس العكس وأنها استثمار لواقع حال أكثر منه تخطيطاً، وشواهد ذلك كثيرة يمكن العودة لها. رئيس التحرير