دعونا نتفاءل رغم كل الانكسارات التي قادتنا إلى الوراء.. تعالوا نتفاءل ونعود بـ(الحوار) إلى كلمة سواء فلا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئاً.. إنه أساس الإيمان.. واقعاً لا ادعاء! إنها بلا شك بداية حكيمة لقائد نبيل يحب شعبه ويحب شعوب المسلمين.. حين يتكلم تشعر بصدقه وحبه للخير.. نعم نحن هنا ليس للتنازع والاختلاف فقد هوت بنا الريح منذ زمن طويل في مكان سحيق.. نحن هنا لنداوي جراحنا وننصر ضعيفنا ونساعد كل المحتاجين من أبناء المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.. نحن هنا لنتعاون ونسخر كل إمكاناتنا البشرية والمادية لإقامة اقتصاد إسلامي قوي نتبادل فيه ما يحتاجه كل منا.. فنعزز به من تقاربنا.. هذا ما يتردد في قلب وعقل عبد الله بن عبد العزيز.. وهو بلا شك ما تأمله الشعوب الإسلامية. إن قمة مكة الاسلامية وإن كانت قمة استثنائية اقتضتها الظروف العصيبة التي يعيشها المسلمون في سوريا إلا أنها يجب أن تمثل بدايةً لتحول مؤثر في التعاون بين البلدان الإسلامية سعياً إلى إيجاد ما يسمى بـ(التكتلات) في عالم يؤمن بلغة المصالح.. والمسلمون اليوم يملكون عاطفة فطرية ما زالت حية وستنمو وتكبر بالعطاء والرغبة الصادقة في التعاون المثمر البناء.. إذاً.. دعوا الخلاف المذهبي لـ(الحوار) وتعالوا نتكاتف ونستفيد من بعضنا لنقدم لشعوبنا المسلمة ما يكفل لهم حياة كريمة.. إنها المسؤولية التي حملها الله لكم فكلكم راع ومسؤول عن رعيته.. وما أصعب أن تقبل على الله وقد كنت خائناً لشعب استرعاك أموره وتسيير ورعاية شؤونه!.. لا زالت كلمات عبد الله بن عبد العزيز تتردد تدعو قادة المسلمين لكي يتحملوا مسؤولياتهم تجاه شعوبهم المسلمة ونصرة أمتهم: (العالم الإسلامي عزيز إن شاء الله، عزيز بالله، عزيز بالله ثم بكم يا أبناءه، أبناؤه الخيرين لا المدمرين).. كم سعدت وأنا أرى (مخاتير محمد) رئيس ماليزيا.. تلك الدولة التي نهضت اقتصادياً بفكر هذا القائد المسلم فأضحت مثالاً للتخطيط والتنظيم والإرادة.. وحري بقادة المسلمين أن يستفيدوا من فكر هذا الرجل فالتجربة الماليزية في الإدارة والاقتصاد تبدو مثالية، وهي ليست وحدها من يثير الإعجاب فهناك تجارب أخرى في تركيا والإمارات وغيرها من بلدان المسلمين. وها هي القمة تنتهي وتخرج بتوصيات ربما لم تكن على قدر تطلعات الشعوب الإسلامية المتعطشة للتغيير السريع إلا أنها تعد في الإطار السياسي خطوة مهمة تمهد لذلك التغيير المنشود فتعليق عضوية سوريا هو في حقيقة الأمر رسالة محذرة للنظام السوري بأن العالم الإسلامي لا يمكن أن يقبل بوجود نظام يستخدم مدافعه الثقيلة ودباباته وطائراته لقتل شعبه. كما أنها جاءت لتؤكد على نصرة قضية فلسطين باعتبارها القضية المحورية للأمة الاسلامية وضرورة العمل على انهاء الاحتلال الاسرائيلي للأراضي العربية والفلسطينية المحتلة منذ العام 1967 بما في ذلك القدس الشريف.. وتحميل إسرائيل مسؤولية توقف مفاوضات عملية السلام. ولعل أجمل ما تحمله مضامين هذا الاجتماع الإستثنائي لقادة المسلمين أنها جاءت تدعو إلى نهضة حقيقية لأمة هي خير أمة أخرجت للناس، ولكي تتحقق الأهداف لا بد أن نتجاوز الشكلية التي ظلت تعطل خطواتنا الإصلاحية.. ولعل من أهم ما يمكن أن يضمن تحقيق العمل المثمر هو تكليف الأفراد المؤهلين علمياً وأخلاقياً.. نعم إن من أكثر معوقات التنمية في البلدان الإسلامية عدم وضع الشخص المناسب في المكان المناسب.. وغالباً ما يكون الاختيار مبنياً على اعتبارات شخصية تفرضها المجاملة والمحسوبية. وإذا تجاوزنا هذا العائق واستطعنا أن نكون موضوعيين في الاختيار فسيتعاظم (الاستثمار) ونستفيد من كل (دينار) إن قضية المسلمين اليوم ليست مالية.. إنها أخلاقية.. بعدنا عن الدين أوجد هذا التباعد والتناحر وأضعف ذلك الشعور الأخوي الذي هو سر قوتنا وعزتنا والمثال ما زال حاضراً (أنصار ومهاجرون).. نعم.. إنها أخوة الدين.. ستعيدنا من جديد إلى واجهة العالم نصنع التغيير.. ولا نحتاج لتصحيح مسارنا إلى البداية من الصفر على طريقة المهندسين (المهندرين).. نحتاج أن نبدأ من حيث انتهى الآخرون ونسعى لتنظيم أعمالنا ومتابعتها وعدم ترك الأمور بلا حسيب ولا رقيب. الأمل في الله كبير في أن يلتقي قادة المسلمين على كلمة سواء تعيد مجد أمتنا التي لا يليق بها إلا أن تكون في مقدمة الأمم تحقيقاً للخيرية التي أرادها الله لها.. كل عام وقادة المسلمين في وئام.. كل عام وأمة الإسلام في خير وسلام.