ما تعرضت له الرياضة السعودية من نكسة في المحافل الدولية أثارت تساؤلات حول مستقبل الرياضة بشكل عام والرياضة المدرسية والجامعية بشكل خاص ومدى استفادة الطلاب على مدى أكثر من عدة سنوات من البرامج المدعومة التي تنفذها وزارة التربية والتعليم كتنظيم بطولة موبايلي وبطولة الصافي دانون وبطولة البراعم. واعتبر مجموعة من المختصين في مجال الرياضة المدرسية أن الوضع المتردي في انتظار نهاية علاجه بعد تطبيق الإستراتيجية الوطنية للرياضة المدرسية بدءا من العام القادم التي اعتبرت قبل سنوات المنتج الأساسي لنجوم الرياضة في المملكة. تصريحات متفرقة تسير كلها في اتجاه الموت البطيء الذي تعرفه صحة أجسام أبنائنا بسبب ضعف الاهتمام بمادة التربية البدنية. في الوقت الذي لم تعد الرياضة السعودية والمدرسية بأنشطتها المختلفة إقليميا ومحليا ووطنيا تشد إليها أنظار المهتمين بالشأن الرياضي الوطني وعموم الجماهير المتعطشة للرياضيين الواعدين، وفي الوقت الذي نعزو فيه الإخفاق لسوء التخطيط فإن الواقع يقول إنه في ظل مخرجات سيئة من اللاعبين الموهوبين الجاهزين الذين ليسوا على مستوى الكفاءة الفنية والمهارية والبدنية لتمثيل المنتخبات السعودية نتيجة ضعف مخرجات الأندية الرياضية والاتحادات الرياضية ومدارس التعليم العام أو من الغياب التام للرياضة الجامعية والتي لا ترقى للطموح فكيف بمخرجات بهذا المستوى أن تقود المملكة للتميز بالإضافة إلى سبب رئيس هام أغفل من قبل الإعلام ومن الرئاسة العامة لرعاية الشباب وهو ضعف الدعم المالي للرياضة السعودية ماعدا ما يقدم لثلاثة اتحادات رياضية وهي كرة القدم والفروسية وألعاب القوى، وكنا نتوقع أن يتم التحقيق مع اتحاد ألعاب القوى بعد إخفاقه في لندن لأن ما يصرف عليه يفوق المعلن بكثير وما قدم له من دعم مالي ومعنوي كفيل بتحقيق إنجاز أولمبي يسجل للوطن ولا أدري لماذا هذا الغموض في التعامل الذي لا يخدم تصحيح وضع الرياضة، فمن يصدق أن الرياضة السعودية في الوقت الحالي انخفض الدعم المالي لها إلى النصف عما هو مقرر سابقا، فما يدفع للأندية لا يكفي لتسيير أمورها الفنية والإدارية مما جعلها تقع تحت جلباب أعضاء الشرف ورحمتهم وكذلك الاتحادات الرياضية ومخصصاتها المالية التي لا تكفي لإحضار مدرب عالمي يشرف على المنتخبات فما بالك بالأمور الإدارية والفنية للعبة ومنذ عشرين سنة لم يعلن عن تسجيل ناد رياضي جديد في ظل المساحة الشاسعة للمملكة ومتطلبات المناطق والمحافظات لذلك، وكذلك عدم إنشاء ملاعب ومدن وصالات رياضية جديدة والاكتفاء كل عام بالإعلان عن بناء مقر ناد واحد فقط سنويا، أما الرياضة الجامعية وهي أساس للعديد من الرياضات لدول سبقتنا في هذا المجال كأمريكا مثلا فلدينا الرياضي الجامعي ليس له نصيب في التخطيط لمستقبله الجامعي رغم وجود اتحاد جامعي استبشرنا به لكن يبدو أنه لم يعرف كيف يضع أهدافه لخدمة الرياضة، وفي ظل هذه الظروف وغياب المتحدث الرسمي من قبل الرئاسة العامة لرعاية الشباب التي يحتاج لها المتابع الرياضي لمعرفة الحقيقة تكتفي بإطلالة من الأمير نواف بن فيصل بعد كل إخفاق، بل نجد الصمت يخيم عليها في الوقت الذي يتفق الجميع على أنها أساس الإخفاقات للرياضة السعودية لضعف سياساتها ولم توضح يوما عن دورها المسلوب منها ولو في جانب وعنصر مهم وهو الأمر المالي، وفي ظل هذا الوقت فإنها فرصة تاريخية متاحة للأمير نواف بن فيصل لم يستغلها بعد من قبل ثقة خادم الحرمين الشريفين بسموه عندما تم تعيينه رئيسا عاما للرئاسة العامة لرعاية الشباب، حيث توقع المتابعون أن يقوم بعد مرور شهر إلى شهرين على الأقل بإعلان إستراتيجيته ويوضح بها برامجه وأهدافه وتتضمن تعزيز الرئاسة بالعديد من الكفاءات والكوادر وعرضها على خادم الحرمين الشريفين (وفقه الله) والذي يقف وراء كل عمل هادف فيه خير لشبابه، وهذا لم يحدث حتى تاريخه، والشيء الذي لابد من ذكره أن الرئاسة قد تكون الوزارة الوحيدة التي لم تمر بتغيير في القيادات من زمن طويل وحتى الآن مازال الشارع الرياضي مندهشاً من هذا الجمود الذي أصاب الرئاسة وكأنها تنتظر حلا من الخارج ولهذا من وجهة نظر شخصية أرى أن يتم إيجاد إستراتيجية ذات رؤية ورسالة للرئاسة وعمل شراكات واضحة ملموسة ومعتمدة بين الرئاسة والجهات ذات العلاقة مثل وزارة التربية والتعليم ووزارة الشؤون البلدية والقروية والداخلية والتعليم العالي وفتح أكثر من قناة للتواصل والاتصال ومنح الثقة والصلاحيات وسرعة إنشاء مراكز شبابية في مختلف الأحياء في مناطق ومحافظات المملكة بمواصفات مناسبة، وتقوم وزارة التربية والتعليم بتنظيم نشاط مدارس الأحياء وإعادة تشكيل اللجنة الأولمبية العربية السعودية والعمل على أن يكون الرجل المناسب في المكان المناسب فيما يتعلق برؤساء وتشكيل الاتحادات الرياضية وإعادة تشكيل لجنة الاستثمار الرياضي ويراعى أن يكون رئيسها متفرغاً لإدارتها والبدء في خصخصة الأندية.. والله الموفق.