قليل من يستمتع بكرة القدم على اعتبار أنها ترفيه، وتسلية للنفس، وخروج نسبي عن ضغوطات الحياة اليومية، ومشاهدة واستمتاع، طالما هي رياضة سائدة، فيما كثير مع الأسف الشديد على العكس من ذلك تماما، فقد تحولت بالنسبة لهم إلى ضغوطات عالية جدا، وحماقة وتشنج، وهدر زمني ولفظي لا جدوى منه على الإطلاق، فلا يتابع كرة القدم إلا وهو متوتر للغاية، ولا يريد فريقه أن يخسر بأي حال من الأحوال، وقاموسه اللفظي السيئ حاضر على لسانه، ولا يبالي بما يقول، ولا بمن حوله، ولا لمن يستمع إليه، وكأنه سيخسر الدنيا والآخرة والعياذ بالله، فيما لو خسر فريقه تلك المباراة، وهو في حقيقة الأمر لا يجني من كل ذلك أي مكاسب ممكنة تستحق الانفعال، فالملايين والمكافآت وعبارات الثناء والشكر والتقدير والإطراء للاعبين والإداريين والمدرب، أما هو فلا، وذلك بقدر ما يكون قد خسر اتزانه، وعقلانيته، واعتداله، وثقة من حوله، ونقاطا مهمة من جوانب شخصيته، وربما احترام الآخرين له. وهذا النوع من المشجعين للأسف هم الأكثرية في المدرجات، وفي المنتديات، وفي الأماكن العامة، وما بين الاثنين يبدو أن التشجيع لدينا قد بدأ يتحول إلى هذا الاتجاه السلبي بشكل لافت، وبنسبة كبيرة جدا نتيجة تنامي أعداد هؤلاء الموتورين المهتمين بكرة القدم، وتأثيرهم المباشر على الآخرين، أو من حولهم، دون أن تكون هناك أدوار، أو محطات توعوية للمشجعين من خلال هيئة دوري المحترفين، سواءً داخل ملاعب كرة القدم، أو من خلال رعاية برامج تلفزيونية موجهة تحقق هذا الهدف، أو من خلال ندوات مستمرة داخل مدارس التعليم العام والعالي. فالهيئة التي تجني الكثير من المال وتنفق على موظفيها بسخاء، لو وضعت بنداً للتوعية المستمرة تتحمل الأندية الجزء الأكبر من نفقاته لما ضرها شيء من ذلك، ولسنه سُنةً حسنة ستنعكس ثمارها على الأجيال القادمة في كيفية التعامل مع رياضة كرة القدم من زوايتي التشجيع والمتابعة، خصوصا وأن بعض رؤساء الأندية لدينا، وإداريين ومدربين أيضا، بحاجة لدورات مكثفة في كيفية ضبط النفس والكلمات أثناء المباريات وبعدها. فالتعصب الرياضي يمكن أن تنطفئ جذوته في لحظةٍ ما، لكن التشنج واستمراء الفلتان اللفظي بسبب كرة القدم قد يصبح جزءاً من السلوك الثابت للمشجع مع الأسف الشديد، والمختصين بالدراسات الاجتماعية والتربوية بدأوا يكتشفون أن هناك حيزا كبيرا من عدم الرضا اجتماعياً عن تأثير كرة القدم في سلوك النشء. وهيئة دوري المحترفين هي جزء من مؤسسات المجتمع التي تقع على عاتقها مهمة التصحيح وبشكل مباشر.