أخطر ما يتعرض له أي مجتمع أن تكون الأموال الطائلة والثروات المالية في يد الجهلاء.. فالمال في يد الجاهل مثل العصا في يد المجنون أو كما يقول المثل الشعبي (مجنون ومسكوه عصاية).. ولعل أفضل من جسد دور الجاهل الغني هو الممثل الكوميدي عادل إمام في فيلمه الشهير (مرجان أحمد مرجان) والذي حاول أن يعوض جهله وقلة تحصيله العلمي بشراء الأصوات ودفع الرشاوى للحصول على وجاهة اجتماعيه زائفة ينتقم بها من المجتمع لتعويض النقص والبحث عن شهرة مؤقتة حتى لو انكشف أمره بعد ذلك.. المهم أن يشبع رغباته حتى من خلال الحصول على شهادات علمية عالية بطريقة الشراء.. ولعل الدور الذي قام به عادل إمام في فيلم مرجان أحمد مرجان لم يكن من صنع خيال كاتب السيناريو بقدر ما هو نموذج يتواجد في المجتمعات العربية.. ولأن المجتمع السعودي جزء من المجتمع العربي فإن نموذج مرجان أحمد مرجان يتواجد لدينا بالآلاف ويعرفهم الناس بأسمائهم. ولأن المجتمع الرياضي والكروي السعودي هو جزء من منظومة المجتمع وأقصر طرق الشهرة للأغنياء الجهلاء الذين انكشف أمر بعضهم ولا يزال هناك بقية باقية استطاعت بأموالها أن تشتري الأصوات والذمم والآراء والإعلام الرياضي من خلال صنع شهرة من ورق وإمبراطورية أوهن من بيت العنكبوت.. والذين أرادوا أن يبعدوا الشبهة عن أنفسهم من خلال توجيه اتهامات باطلة للشرفاء. إن شخصية مرجان أحمد مرجان تتجسد كثيرا من خلال عدد من رؤساء الأندية السعودية، وهذه الشخصية ليست حكرا على الوسط الرياضي فهي موجودة في المجتمع الاقتصادي وفي مجتمعات رجال الأعمال.. فالناس بأخلاقها وبتعاملها وليس بأموالها وسوف يأتي اليوم الذي تسقط فيه ورقة التوت عن كل من يجسد شخصية مرجان في الوسط الرياضي وغيره. حشف وسوء كيله عندما يكون اللاعبون مهما كانت نجوميتهم هم أصحاب القرار داخل الأندية الكبيرة ويكون صوتهم أعلى من صوت الإدارة وتنصاع الإدارة لآرائهم عندها تهمش الإدارة والرئيس وصناع القرار، ولعل ما حدث في الفريق النصراوي باتخاذ الإدارة القرار المتعجل بإقالة المدرب الكولومبي ماتورانا بعد خسارة الفريق الدورية أمام الهلال يجسد هذه الصورة السلبية داخل الأندية السعودية.. وأن أهواء ومزاج بعض اللاعبين هم من يحرك ويصنع القرار في وقت لابد أن تكون فيه الإدارة هي من يصنع القرار وأن هناك إدارات أخرى تسيرها رغبات عاطفية من المدرجات أو الجماهير.. ولست بصدد المدافع عن ماتورانا فالرجل صنع فريقا منسجما رغم إمكانات اللاعبين المحدودة.. والأغرب أن اللاعبين الذين شنوا حملة إقصاء ماتورانا هم من خذل الفريق بأدائهم الباهت وفي مقدمتهم حسين عبدالغني وعبده عطيف وسعود حمود وعبدالرحمن القحطاني فمنهم من كان ضيف شرف وباحث عن استفزاز الفريق المقابل وغيرهم من أهدر الفرص السهلة.. وها هي إدارة النصر تخسر ماتورانا الخبير وتتغرم الشرط الجزائي ورواتبه المتبقية والبالغة نصف مليون دولار، خلاف البحث عن مدرب آخر سيكلف الكثير.. ولازلت أكرر بأن النصر سيعود إلى الوراء من حيث الانسجام فالمدرب ماتورانا قدم فريقا متطورا وهو من أخرج الشباب بطل الدوري من كأس الملك في العام الماضي بفوزين ذهابا وإيابا وأوصل النصر إلى نهائي كأس الملك أمام الأهلي.. وأكبر دليل على أهمية الاستقرار الفني هو ما يحدث في فريق الفتح هذا الموسم والذي يتصدر الدوري بسبب الإبقاء على مدربه التونسي فتحي الجبال.. إن مشكلة النصر أنه تحول إلى ضمان اجتماعي وهذه حقيقة بدون زعل.. المشكلة ليست في تغيير المدربين، فالمدرب ماتورانا هو الرابح الأكبر من الإقالة فالرجل سيعود إلى بلاده محملا بمئات الآلاف من الدولارات.. ولعل هذه الظاهرة حدثت أكثر من مرة في الفريق الاتحادي عندما اتهم النجم الكبير محمد نور بأنه تسبب في إقالة أكثر من مدرب فإن هناك ما يشفع لمحمد نور من خلال قيادته للاتحاد للفوز بعدد كبير من بطولات الدوري وكأس آسيا وفي مونديال الأندية ولو كنت رئيسا لنادي الاتحاد لأخذت برأي نور.. أما ما يحدث من بعض لاعبي النصر فإنه لا يخرج كثيرا عن المثل القائل (حشف وسوء كيله). الحق ما يزعل ـ احترام الذوق العام هو من عاداتنا وتقاليدنا الإسلامية.. في طريقة احترام مشاعر الآخرين وحسن التصرف وآداب المجلس أو الطعام.. وفي داخل الطائرات وفي الرحلات التي كنت أتواجد فيها سواء في الدرجة السياحية أو الأولى أو الأفق في الخطوط السعودية على وجه التحديد كنت ألاحظ الكثير من الممارسات الخاطئة من الركاب ومن بعض لاعبي الفرق الرياضية من حيث إزعاج الركاب من الأفراد والعوائل بطريقة لا تتناسب مع الأخلاق الرياضية.. والأسوأ من ذلك ما يشاهده الإنسان من تصرفات سامحوني إن وصفتها بأنها غير مهذبة وتصدر من أشخاص لهم من الهيبة والاحترام من خلال ملابسهم النظيفة وبشوتهم المعطرة وقد يحملون من الشهادات أعلاها.. ومع ذلك تصدر منهم تصرفات لا تليق بمظهرهم.. فهذا يضع قدماً على قدم في وجه الراكب الذي بجواره وربما يكون الآخر أكبر منه سناً وربما يكون في سن جده.. وراكب آخر يخرج المنديل من جيبه لينظف أنفه وبصوت عال ومقرف في لحظة ربما يتناول فيها الركاب وجبة الطعام دون أدنى مراعاة لمشاعرهم.. وراكب آخر يدخل دورة المياه في الطائرة ولا يراعي مشاعر الراكب الآخر من بعده.. إنها حقيقة شاهدتها في الكثير من الرحلات وأتمنى من الخطوط السعودية أن تقدم فقرات تثقيفية للركاب مع بداية كل رحلة.. أعرف أن الحقيقة مرة وقد يغضب مني الكثير.. والحق ما يزعل.