في بريطانيا انتصر القراء للمحتوى الذي تكتمل فيه شروط النشر لذلك اتجهوا للمواقع الإلكترونية التابعة للصحف المطبوعة فكسبت هذه الصحف قراء على الإنترنت عوضاً عن أنها لا زالت بين يدي قراءها وعلى حاملات الصحف في نقاط البيع ومنافذه وهذا يحدث بعد سنوات على اعتقاد الكثيرين أن الصحف الإلكترونية الجديدة ستسحب البساط من تحت الصحف بحجة أن القارئ أصبح لا يميل إلى شراء الصحف المطبوعة دون أن يخطر في بالهم أن الصحف المطبوعة بمقدورها أيضا أن تنتقل إلى الإنترنت وأن تستمر في تواصلها مع القارئ الذي لابد أنه سيلمس الفرق بينها والصحف الإلكترونية الجديدة التي قد لا تستند على عمل مؤسسي أو إمكانات مادية وكوادر صحفية تملك القدرة والخبرة المطلوبتين في صناعة صحيفة حقيقية وليس مجرد اسم. وينقل لنا من لندن الزميل أسامة نعمان عبر صفحات الإعلام بالشقيقة الشرق الأوسط نتائج مسح بريطاني حول أعداد قراء الصحف المطبوعة وقراء مواقعها الإلكترونية الذي يكشف عن أن أعداد القراء عموماً ازدادت بشكل كبير بل وساهم ذلك في ان تقترب الصحف الرصينة من أعداد قراء الصحف الشعبية بفضل الإنترنت مما يعني أنه أصبح نعمة بدلا عن أن يكون نقمة كما كان يروج له. العدد الكلي المدمج أي أعداد قراء الصحف المطبوعة مع أعداد قراء مواقعها الإلكترونية جعلها تتفوق بشكل قاطع على أعداد قراء الصحف الإلكترونية بحيث قاد الاسم والتاريخ والسمعة الصحف المطبوعة لأن تجعل من ذلك سلاحاً حاسماً في معركتها التي بدت لأول وهلة تنذر بهزيمة مذلة حيث كان هناك اعتقاد دون مبرر بعدم إمكانية استثمار الإنترنت من قبل المؤسسات والشركات التي تصدر الصحف والمجلات على مدار عقود وحينما ظهر أن ذلك كان خطأ حيث اقتطعت هذه المؤسسات والشركات حصصا كبيرة من ميزانياتها لتأسيس بيئة إلكترونية ونجحت في ذلك كان المحتوى جاهزاً بل وإمكانية استثماره بقدر بعيد من الأفكار التي تضمن ظهور قوي على شبكة الإنترنت إلى استثمار هذا المحتوى بأشكال عدة كما عليه تطبيقات الآيباد وغيره أسفر الأمر عن نتيجة كما كان عليه هذا المسح الذي لم ينصف الصحف المطبوعة فقط بل وجعل الرصين منها يبدأ في التغلب على الشعبي، كما عليه حال الغارديان أو الصن. أيضاً الذي يجعل هذا المسح مهماً إلى جانب الصحف المطبوعة ومواقعها هو أنه كشف عن الصعوبة التي ستواجه محاولة فرض اشتراكات مالية وهو ما يشير إلى أن مجانية الصحف الإلكترونية لها دور مباشر في توجه البعض لها بدلا من شراء الصحف المطبوعة فقد عجزت أعرق الصحف البريطانية التايمز من زيادة أعداد قرائها على موقعها الإلكتروني بعد فرضها اشتراكا ماليا مقابل قراءة محتوياتها منذ يوليو 2010م حيث لم يتجاوز 285 ألفا في الشهر إضافة إلى أن المسح أظهر أن فئات الشباب تقرأ أنواع الصحف إذ وجد أن 36 % ما بين سن 15 إلى 34 يقرأون الصحف المطبوعة أو مواقعها الإلكترونية. مثل هذه الدراسات المسحية التي تجرى حتى لو لم تكن إلا مؤشراً فإن أهميتها تتعاظم في أنه تجعلك تعيد النظر فيما اعتبره البعض حقائق في ما قد يكون عليه حال المطبوعات على اقل تقدير في الدول النامية والفقيرة أو محاولة استبعاد المواقع الإلكترونية للصحف المهمة والعريقة من سباق الفوز بأعداد القراء وهو الأمر الحقيقي الذي يهابه المنادون بصحافة الكترونية حيث وجدوا أنفسهم أيضا في ذيل القائمة بعد أن تصدروها في وقت قصير كانت فيه الرؤية غير واضحة ويتم التشويش عليها.