شكا صديقي من أن شهامته وفزعته وحبه لمساعدة الناس جعل منه مطية يتسلقون بها إلى أغراضهم ومتطلباتهم دون أن يحسوا بمشاعره ومعاناته وتعبه من أجل تحقيق ما يرغبون. لكنهم كما يقول ما إن ينتهوا مما يرغبونه من مصلحة أو حاجة إلا ويقل تواصلهم واتصالهم به، بل أحيانا يبادر هو بالاتصال ليطمئن عسى المانع خيرا. إضافة إلى ذلك فإن سلوكهم يعتريه المجاملة والتأدب واللطف والذوق المبالغ فيه حتى يبذل جهدا لإنهاء حاجتهم رغم أنني والكلام له لست ممن ينخدع بالثناء فلقد روضت نفسي على أشكال المديح كما روضت نفسي على النقد الحاد حتى لا أصاب بالغرور والتضخم، فما رأيك في هؤلاء الذين أصبحوا أكثرية مما جعلني أطرح هذا التساؤل لمساعدتي في فهم هذه النوعية من البشر. قلت صديقي لا تحزن إذا لم يذكرك الناس إلا وقت الحاجة بل ابتسم لأنك كالشمعة إن أظلمت حياتهم أسرعوا إليك. فاحمد ربك واشكره أن جعل حاجة الناس عندك وليس العكس، وأذكرك بأبيات نسبت للإمام الشافعي ـ رحمه الله ـ تعتبر منهجاً لفعل المعروف حيث يقول: الناس بالناس مادام الحياة بهم والسعد لا شك تارات وهبات وأفضل الناس ما بين الورى رجل تقضى على يده للناس حاجات لا تمنعن يد المعروف عن أحد مادمت مقتدرا فالسعد تارات قد مات قوم وما ماتت مكارمهم وعاش قوم وهم في الناس أموات قال لكنني أتألم من هؤلاء الذين يتصلون ويلحون وفي أوقات راحة، وما إن أسعى بكل ما أستطيع لمساعدتهم إلا ويتجاهلون أحيانا حتى إبلاغي بنتيجة شفاعتي أو متابعتي لموضوعهم منعاً من حتى الشكر أو الاعتقاد عندهم بأن هذا نوع من تسجيل دين معنوي عندهم وأنا الذي لأتوقع أي خدمة أو منفعة لمساعدتي لهم ومايدفعني لذلك إلا ما يمليه علي ديني ومرؤتي، بل إنني أعرف عن نتيجة عملي من أطراف أخرى ليسوا أصحاب الحاجة نفسها. قلت لا تأخذ الجانب السلبي من الأمر بل خذ الجانب الإيجابي وهو أنك مثل الشمعة إن أظلمت حياتهم أسرعوا إليك، فابتسم وافتخر بنفسك وادع الله عز وجل أن تستمر نفسك إيجابية سمحة معطاءة.