|


سعد المهدي
كرة القدم الصناعة والتجلي
2012-11-18

لو كان هناك فهم حقيقي لكرة القدم اللعبة أم الأسرار لتوقف الكثير مما يقال فيها وعنها، ولكن أيضاً لفقدت جزءاً كبيراً من سحرها. ندعو مثلاً للاستقرار في الأجهزة الفنية والإدارية، لكن مدرب (فزعة) يحقق أغلى الانتصارات وإداري (كرزاي) يملأ خزانة النادي بالبطولات، نعول أهمية قصوى على العراقة والتاريخ فيخطف البطولة نادٍ أسس حديثاً بلا تاريخ أو شعبية، نهتم بالأرض والجمهور على اعتبارها مرجحة فيسقط صاحبها بالأربعة والخمسة، نعتبر أن نتيجة مباراة الذهاب كافية ومطمئنة فيقلب الخصم الطاولة ويضاعف النتيجة، نضع بيضنا كله في سلة النجم الأوحد فيخذلنا ونحقق الانتصار بكرة ارتطمت في رأس أو قدم مدافع وعبرت إلى الشباك، نصدق أن هذا العاشق الولهان صاحب المحفظة المنفوخة يدعم النادي، فإذا به كان يدعم أمراً في نفسه لا نستطيع أن نعلمه أو نعرف كيف أو متى نوظفه لصالح النادي، نترك التشكيك في نزاهة الحكم لكنه يتخذ قرارات ظالمة تغير النتائج وتقلب موازين اللعب، نظنه لا يقصد لكنه يحيرنا في موقف آخر ينقلب فيه على قراراته السابقة ويستبدلها بما كان عليه أن يتخذها المرة الأولى، إذاً هو يقصد أما إذا كان يفعل ذلك دون قصد فإنه يعني أنه لا يصلح أن يكون حكماً. تركيبة كرة القدم المعقدة تعني أن لا نقبل من يتحدث عنها كما لو أنها رياضيات، وكذلك أيضاً أن نتريث حين نطالب أطرافها بأن يكونوا صالحين على الدوام، وتعقيدات التنافس في هذه اللعبة هي جزء من المشهد الكامل الذي تظهر عليه، وما يجب أن نفعله تجاه التصالح معها هو أولاً عدم إعطاء الأمور كل الأمور اهتماماً واحداً ومحاولة فتح النوافذ لكثير من الاختلافات أو الخلافات، لتخرج منها والسيطرة على الضيق بتغيير الاهتمامات من لعبة لأخرى ومن دوري إلى آخر، وتطويق الفرح الطاغي بحيث لا يسرقنا من واقع أن الكرة لا تدوم على حال، ليس كلمة على طرف اللسان ولكن حقيقة يقولها الواقع الذي يوماً كان يوحي لك أن لن تفوز أبداً أو أنك لن تخذل أبداً وكلا الحالتين تبدلتا وتتبدلا. كرة القدم عالم يفتقد للواقع، نعم هو يحتاج إلى واقعية في العمل، لكنه يرفض الواقعية في انتظار ما يمكن أن ينتج عن هذا العمل، ولازلت مؤمناً أن أي عمل إنساني إبداعي فإن التجليات تجعل منه عرضة لتحكم الفرد وما يملكه، وهي تطغى أو تتجاوز ما قدر لها من خطط وتحضير حالة إحباط لعدد من أفراد الفريق ربما تضيع كل شيء، عكسها حالات التجلي لعدد آخر من الفريق تصنع المعجزات وتحقق المستحيل. أدعو إلى مزاوجة بين كرة القدم المصنوعة من مكونات الموهبة واللياقة والمهارة والإعداد والتخطيط، مع كرة القدم العمياء التي لا تستقر على حال ولا تعطي كل ذي حق حقه، وأهمية هذه المزاوجة حتى لا نعتمد على الأولى ونعتقد أنها كل شيء، فإذا لم تتحقق شككنا في أهميتها وتركناها وهي مهمة للغاية، ولا أن نعتمد على الحالة الثانية التي لايمكن لها وحدها صنع شيء يستمر أو يتطور.